المقام الثاني : في الكهانة.
وهي على ما يظهر من كلام القاموس بالفتح مصدر وبالكسر اسم قال : «كهن له كمنع ونصر وكرم كهانة بالفتح ، وتكهّن تكهّناً قضى له بالغيب فهو كاهن ، جمع كهنة وكُهّان وحرفته الكِهانة بالكسر» (١) انتهى. ويقرب منه المحكيّ عن المصباح المنير إلّا أنّه في كسره قال : «الكهانة بالكسر صنعة» (٢).
وعلى هذا فالكاهن الّذي هو اسم الفاعل من هذه المادّة يحتمل كون مبدئه حالاً أو ملكة أو حرفة وصنعة.
ويظهر ثمرة هذه الوجوه فيما لو علّق حكم في النصّ على اسم الفاعل كما في المحكيّ عن الاحتجاج ونهج البلاغة ، من قوله عليهالسلام : «المنجّم كالكاهن ، والكاهن كالساحر ، والساحر كالكافر ، والكافر في النار» (٣) فعلى الأوّل يراد بالكاهن الّذي حكمه أنّه في النار الآتي بعمل الكهانة ، وعلى الثاني من له ملكة هذا العمل وإن لم يأت به ، وعلى الثالث من حرفته ذلك أي من اتّخذه وسيلة لكسب المال ، فعلى الأوّل يحرم عليه أصل العمل فيجب ترك الإتيان به ، وعلى الثاني يحرم عليه إبقاء ملكته فيجب إزالتها بإنساء ونحوها ، وعلى الثالث يحرم اتّخاذه وسيلة لتحصيل المال فيجب ترك الاتّخاذ.
ومن فروع هذه الوجوه أنّ الرواية إن صحّ الاعتماد عليها في إثبات حكم شرعي لا يثبت بها على أوّل الاحتمالات حرمة تعلّم الكهانة ولا حرمة التكسّب بها ، وعلى ثانيها يثبت حرمة تعلّمها أيضاً دون حرمة التكسّب بها ، وعلى ثالثها يثبت حرمة التكسّب دون التعلّم.
وكيف كان فمعنى الكهانة على ما نصّ عليه في القاموس «القضاء بالغيب» وحاصله الإخبار بالمغيبات ، ويوافقه المحكيّ عن النهاية الأثيريّة من «أنّها تعاطي الأخبار عن الكائنات في مستقبل الزمان» وهذا باعتبار قيد «مستقبل الزمان» أخصّ ممّا ذكره في القاموس. ثمّ عنه أيضاً «أنّ الكهانة في العرب وقد كان في العرب كهنة ،
__________________
(١) القاموس ٤ : ٢٦٤.
(٢) المصباح المنير : ٢٠٥.
(٣) نهج البلاغة (محمّد عبده) ١ : ١٢٥ ، الاحتجاج ١ : ٥٦٠ / ١٣٦.