إلى السيّد ابن طاوس فقال : «بأنّ علم النجوم من العلوم المباحات» (١) وجوّز تعليمه وتعلّمه والنظر فيه والعلم به إذا لم يعتقد أنّها مؤثّرة حاملاً لأخبار النهي والذمّ على ما إذا اعتقد ذلك ، ثمّ ذكر تأييداً لصحّة هذا العلم أسماء جماعة من الشيعة كانوا عارفين به.
والقول بإطلاق التحريم الّذي عرفت نسبته إلى بعض الأصحاب يظهر من السيّد الأجلّ المرتضى أيضاً جاعلاً لأدلّ الدليل على بطلانه كونه موجباً لاختلال الأمر في معجزات الأنبياء قال ـ في جملة كلام له محكيّ عن كتاب الغرر والدرر ـ : «ومن أدلّ الدليل على بطلان أحكام النجوم أنّا قد علمنا أنّ من جملة معجزات الأنبياء الإخبار عن الغيوب وعدّ ذلك خارقاً للعادات ، كإحياء الميّت وإبراء الأكمه والأبرص ، ولو كان العلم بما يحدث طريقاً نجوميّاً لم يكن ما ذكرناه معجزاً ولا خارقاً للعادة ، وكيف يشتبه على مسلم بطلان أحكام النجوم وقد أجمع المسلمون قديماً وحديثاً على تكذيب المنجّمين والشهادة بفساد مذاهبهم وبطلان أحكامهم ، ومعلوم من دين الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ضرورة التكذيب بما يدّعيه المنجّمون والإزراء عليهم والتعجيز بهم ، وفي الروايات عنهم عليهمالسلام من ذلك ما لا يحصى كثرة ، وكذا عن علماء أهل بيته وخيار أصحابه ، فما زالوا يبرءون من مذاهب المنجّمين ويعدّونها ضلالاً ومحالاً ، وما اشتهر هذه الشهرة في دين الإسلام كيف يغترّ بخلافه منتسب إلى الملّة ومصلّ إلى القبلة» (٢) انتهى.
وتحقيق المسألة يستدعي التكلّم في مقامات :
المقام الأوّل : فيما يتعلّق بالأجرام الفلكيّة والكواكب من حيث القدم والحدوث والحياة وعدمها والاختيار والعلوم والإدراكات والإرادات وأضدادها لما عزي إلى المنجّمين خصوصاً أوائلهم من المذاهب المختلفة في ذلك ، فنقول : إنّ الفلكيّات والكواكب غير خالية عن كونها قديمة أو حادثة ، والمراد بحدوثها كونها مسبوقة بالعدم وبالقدم خلافه.
وعلى الأوّل : فإمّا أن يراد بالقدم قدمها لذواتها على معنى عدم كونها معلولة عن
__________________
(١) فرج المهموم : ٨١.
(٢) الغرر والدرر (أمالي المرتضى) ٢ : ٣٨٤ ـ ٣٩١ ورسائل الشريف المرتضى ٣ : ٣١٠ ـ ٣١١.