وهذه ستّة عشر وجهاً صحيحها الموافق لشرع الإسلام هو الأخير منها ، لبطلان ما عداه ، إمّا لكونه موجباً للكفر لما يتضمّنه من إنكار وجود الصانع ، أو لما يتضمّنه من التشريك معه في صفة القدم ، أو لما يتضمّنه من نفي صانعيّة الصانع وإنكار خالقيّته ، أو لما يتضمّنه من نفي القدرة عنه وإثبات العجز عليه ، أو لما يتضمّنه من تكذيبه تعالى فيما قاله في الكتاب : «يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ» (١) أو لكون الاعتقاد به من القول بما لا يعلم فيكون آثماً لدخوله في قوله عزّ من قائل : «لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ» (٢) «وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ» (٣).
المقام الثالث : في نقل الأخبار المتعلّقة بالمسألة ، وهي على أنحاء ، منها : ما يدلّ على المنع من التنجيم أو علم النجوم بقول مطلق :
مثل خبر القاسم بن عبد الرحمن الأنصاري عن محمّد بن عليّ عن أبيه عن الحسين بن عليّ عليهالسلام قال : «نهى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن خصال ... إلى أن قال : وعن النظر في النجوم» (٤).
وخبر نصر بن قابوس قال : «سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : المنجّم معلون ، والكاهن ملعون ، والساحر ملعون ، والمغنّية ملعونة ومن آواها وأكل كسبها ملعون ، وقال عليهالسلام : المنجّم كالكاهن ، والكاهن كالساحر ، والساحر كالكافر ، والكافر في النار» (٥).
والمرويّ عن شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد قال : «عزم عليّ عليهالسلام على الخروج عن الكوفة إلى الحروريّة وكان في أصحابه منجّم ، فقال له : يا أمير المؤمنين لا تسر في هذه الساعة وسر على ثلاث ساعات مضين من النهار ، فإنّك إن سرت في هذه الساعة أصابك وأصحابك أذى وضرّ شديد ، وإن سرت في الساعة الّتي أمرتك بها ظفرت وظهرت وأصبت ما طلبت. فقال له عليّ عليهالسلام : أتدري ما في بطن فرسي هذا أذكر أم انثى؟ قال : إن حسبت علمت ، فقال عليهالسلام : فمن صدّقك بهذا فقد كذّب بالقرآن ، قال الله
__________________
(١) الرعد : ٣٩.
(٢) الإسراء : ٣٦.
(٣) البقرة : ١٦٩.
(٤) الوسائل ١٧ : ١٤٣ / ٩ ، ب ٢٤ ما يكتسب به ، الخصال : ٤١٨ / ١٠.
(٥) الوسائل ١٧ : ١٤٣ / ٧ و ٨ ، ب ٢٤ ما يكتسب به ، الخصال : ٢٩٧ / ٦٧.