عليّ عليهالسلام قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : أربعة لا تزال في امّتي إلى يوم القيامة ، الفخر بالأحساب ، والطعن في الأنساب ، والاستسقاء بالنجوم ، والنياحة وأنّ النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقوم يوم القيامة وعليها سربال من قطران وذرع من جرب» (١). قال المجلسي ـ في شرح الحديث ـ : «الاستسقاء بالنجوم اعتقاد أنّ للنجوم تأثيراً في نزول المطر» (٢).
أقول : وعلى هذا فتحريم علم النجوم وتعلّمه إمّا لنفسه ومن حيث هو ، أو لتحريم لوازمه وغاياته ، ولا كلام في الثاني ، والأوّل محلّ إشكال لعدم وضوح دليله ، وإطلاق المنع في الأخبار المتقدّمة حسن لإثبات ذلك لو استقامت أسانيدها ، وقد عرفت الحال فيها ، مع أنّ لها معارضات من الروايات المصرّحة بأنّ أصل هذا العلم حقّ وأنّه من علوم الأنبياء وأنّه ما يعلمه الأئمّة المعصومون عليهمالسلام.
وفيها ما يدلّ على مدحه كالمرويّ في البحار عن كتاب نزهة الكرام تأليف محمّد بن الحسين بن الحسن الرازي ، قال المجلسي : وهذا الكتاب خطّه بالعجميّة تكلّفنا من نقله إلى العربيّة فذكر في أواخر المجلّد الثاني منه ما هذا لفظ من أعربه «وروى أنّ هارون الرشيد بعث إلى موسى بن جعفر عليهالسلام فأحضره ، فلمّا حضر عنده قال : إنّ الناس ينسبونكم يا بني فاطمة إلى علم النجوم ، وأنّ معرفتكم بها معرفة جيّدة ، وفقهاء العامّة يقولون : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : إذا ذكروا في أصحابي فاسكتوا ، وإذا ذكروا القدر فاسكتوا ، وإذا ذكروا النجوم فاسكتوا ، وأمير المؤمنين كان أعلم الخلائق بعلم النجوم وأولاده وذرّيته الّذين تقول الشيعة بإمامتهم كانوا عارفين بها. فقال له الكاظم عليهالسلام : هذا حديث ضعيف وإسناده مطعون فيه ، والله تبارك وتعالى قد مدح النجوم ، ولو لا أنّ النجوم صحيحة ما مدحها الله عزوجل ، والأنبياء كانوا عالمين بها ، وقد قال الله تعالى في حقّ إبراهيم خليل الرحمن عليهالسلام : «وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ» (٣) وقال في موضع آخر : «فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقالَ إِنِّي سَقِيمٌ» (٤)
__________________
(١) الوسائل ١٧ : ١٢٨ / ١٢ ، ب ١٨ ما يكتسب به ، الخصال : ٢٢٦ / ٦٠.
(٢) البحار ٥٥ : ٢٢٦.
(٣) الأنعام : ٧٥.
(٤) الصافّات : ٨٨.