واللعب عدم اعتبار الرهن في اللعب بهذه الأشياء ، ولا يجري دعوى الانصراف هنا.
الثالثة : في اللعب بغير الآلات المعمولة في القمار الّذي يقال له المغالبة والمراهنة أيضاً إذا كان مع الرهان ، كالمصارعة والمسابقة بالركض والمغالبة بتشبيك الأصابع أو بالخطّ أو بالمشاعرة أو بالكبش أو الديك أو الأسد أو الجاموس أو العوامل وما أشبه ذلك ، ولا خلاف لأحد في فساد هذه المعاملة بجميع أنواعها إذا كانت مع الرهان ، فلا يخرج عن ملك صاحبه فيكون أخذه والتصرّف فيه أكلاً للمال بالباطل. فيحرم بنصّ الآية ، فالفساد ممّا لا بحث فيه هنا. بل الكلام في حكمها التكليفي وهو الحرمة وعدمها ، فإن كانت مع الرهان فعن العلّامة الطباطبائي في مصابيحه (١) التصريح بعدم الخلاف في الحرمة والفساد ، وقضيّة الإجماعات المنقولة في حرمة ما لا رهان فيه كما ستعرفه أن يكون الحرمة هنا أيضاً إجماعيّة بل بطريق أولى.
وقيل : إنّه ظاهر كلّ من نفى الخلاف في تحريم المسابقة فيما عدا المنصوص مع العوض وجعل محلّ الخلاف فيها بدون العوض ، فإنّه بظاهره يعطي أنّ محلّ الخلاف هنا هو محلّ الوفاق هناك ، بل عن تذكرة العلّامة في خصوص المصارعة «أنّه لا تجوز المسابقة على المصارعة بعوض ولا بغير عوض عند علمائنا أجمع لعموم النهي إلّا في الثلاثة الخفّ والحافر والنصل» (٢) ومع هذا كلّه فبعض مشايخنا (٣) صار هنا أيضاً إلى الجواز كما صار إليها فيما لا رهان فيه الّذي نسب السيّد في الرياض (٤) التحريم فيه إلى الأكثر ، وعن المسالك (٥) أنّه وصفه بالأشهريّة ، وحكى السيّد عن جماعة نقل الإجماع عليه كالمهذّب البارع (٦) وجامع المقاصد (٧) والفاضل وقد سمعت إجماعه في التذكرة (٨) وعن صاحب الكفاية (٩) عن الشيخ في المبسوط (١٠) الإجماع عليه أيضاً ، والسيّد (١١) مع ما عرفت منه خالف الأكثر فصار إلى الجواز ، ووافقه شيخنا في الجواهر (١٢).
فقد ظهر بما حرّرناه اختلاف أقوال الأصحاب في حكم المغالبة تكليفاً وهي
__________________
(١) المصابيح : ٢٢. (٢) التذكرة ٢ : ٣٥٤.
(٣) الجواهر ٢٢ : ١٠٩. (٤) الرياض ١٠ : ٢٣٧.
(٥) المسالك ١ : ٣٨١. (٦) المهذّب البارع ٣ : ٨٢.
(٧) جامع المقاصد ٨ : ٣٢٦.
(٨) التذكرة ٢ : ٣٥٤. (٩) الكفاية : ١٣٧.
(١٠) المبسوط ٦ : ٢٩٠. (١١) الرياض ١٠ : ٢٣٨.
(١٢) الجواهر ٢٨ : ٢١٨ ـ ٢١٩.