النوع العاشر
الغشّ بما يخفى
وليعلم أوّلاً أنّه قال صاحب القاموس في مادّة الغشّ : غشّه لم يمحضه النصح أو أظهر له خلاف ما أضمر كغشَّشه ، والغشّ بالكسر الاسم منه ... إلى أن قال : والمغشوش الغير الخالص ، والغشّ محرّكة الكدر المشوب ...» (١) إلى آخر ما ذكره.
ويستفاد من كلامه مجيء الغشّ لمعان : عدم إمحاض النصح ، وأن يظهر له خلاف ما أضمر ، وأن يفعل في الشيء ما يخرجه عن كونه خالصاً وهو أن يشوبه بغير جنسه كشوب اللبن بالماء ومزج الحنّاء بقشر الرمّان وخلط الطحين بدقيق الشعير أو الدخن وما أشبه ذلك ، فالشيء المشوب فيه يقال له : المغشوش ، أي الغير الخالص.
وأوّل هذه المعاني خارج عن محلّ البحث وإن كان هو أيضاً محرّماً لأنّه عبارة عن أن يشوب الناصح في نصيحته الواجبة عليه خصوصاً في حقّ المستشير خلاف النصيحة بصورتها بحيث لا يلتفت إليه صاحبه ، ولا ريب في حرمته ولكنّه لا دخل له بموضوع المسألة.
وكذلك المعنى الثاني وإن كان هو أيضاً محرّماً ، لأنّه عبارة من أن يضمر إنسان في حقّ المؤمن خيانة فيظهره له بصورة النصيحة ، ويقال له : المكر أيضاً المنصوص على حرمته فتوى ونصّاً كتاباً وسنّة ، وإن كان ربّما أمكن توجيهه بحيث يعمّ بعض أفراد موضوع المسألة بجعل الإضمار أعمّ من إضمار الخيانة وإخفاء عيب المال ، إلّا أنّه
__________________
(١) القاموس ٢ : ٢٨١ مادّة (غش).