لو أوقعه بغير نيّة لم يصحّ ولم يزل الوجوب ، فلا يجوز أخذ الاجرة عليه لأنّه عبادة محضة ، وقال الله تعالى : «وَما أُمِرُوا إِلّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ» (١) حصر غرض الآمر في انحصار غاية الفعل في الإخلاص ، وما يفعل بالعوض لا يكون كذلك ، وغير ذلك يجوز أخذ الاجرة عليه إلّا ما نصّ الشارع على تحريمه كالدفن» (٢) وعن العلّامة في المختلف (٣) أنّه نصّ بجواز أخذ الاجرة على القضاء إذا لم يتعيّن ، ونحوه عن المحقّق في الشرائع (٤) إلّا أنّه قيّد صورة عدم التعيين بصورة احتياج القاضي ، ومع هذا كلّه فإنّ الوثوق بإجماع لم يصرّح به أحد على إطلاق المنع.
وأمّا القول بالجواز مطلقاً فلم نقف على مصرّح به ولا على نقل له ، نعم ربّما يستظهر من الفاضل التوني في شرح (٥) الإرشاد فإنّه على ما حكي في ردّ قول العلّامة بالمنع مطلقاً مستدلّاً بوجهين آتيين قال : «بأنّه لا دليل على عدم الجواز ولا نصّ في الكتب الأربعة» فيقال : بأنّ قضيّة ذلك أن يكون قائلاً بالجواز مطلقاً ، ولكن يخدشه منع الظهور في اختيار القول بالجواز لقوّة احتمال التوقّف في المسألة من جهة الشهرة ونحوها.
نعم حكي عن فخر المحقّقين ولد العلّامة في الإيضاح تفصيلاً بين ما كان الواجب عينيّاً أو كفائيّاً تعبّديّاً أو كفائيّاً توصّليّاً فمنع أخذ الاجرة في الأوّلين وجوّزه في الأخير إلّا ما نصّ الشارع بتحريمه أيضاً ، وعبارته المحكيّة لهذا التفصيل ما لفظه : «الحقّ عندي أنّ كلّ واجب على شخص لا يجوز للمكلّف أخذ الاجرة عليه ، والّذي وجب كفاية فإن كان ممّا لو أوقعه بغير نيّة لم يصحّ ولم يزل الوجوب فلا يجوز أخذ الاجرة عليه لأنّه عبادة محضة ، وقال الله تعالى «وَما أُمِرُوا إِلّا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ» (٦) حصر غرض الآمر في انحصار غاية الفعل في الإخلاص وما يفعل بالعوض ليس كذلك ، وغير ذلك يجوز أخذ الاجرة عليه إلّا ما نصّ الشارع على تحريمه كالدفن» انتهى (٧) وعن السيّد الطباطبائي في المصابيح (٨) اختيار هذا التفصيل ، وقد
__________________
(١) البيّنة : ٥. (٢) إيضاح الفوائد ٢ : ٢٦٤.
(٣) المختلف ٥ : ١٨.
(٤) الشرائع ٤ : ٦٩.
(٥) شرح حاشية الإرشاد (مخطوط) ١١٠.
(٦) البيّنة : ٥.
(٧) إيضاح الفوائد ٢ : ٢٦٤.
(٨) المصابيح : (مخطوط) ٥٩ ـ ٦٠.