بخلاف الأذان فإنّ فيه كلفة بمراعاة الوقت ، وهو غير جيّد إذ لا يعتبر في العمل المستأجر عليه اشتماله على الكلفة» (١).
وأمّا ضعف الروايات ، فيمكن انجباره بالشهرة كإمكان انجبار قصور دلالتها بفهم المعظم ، مع ما عرفت من صراحة دلالة خبر محمّد بن مسلم وقوّة سنده إن لم نقل بصحّته ، فالقول بالمنع والتحريم متعيّن.
ويمكن طرد المنع إلى الأذان الإعلامي أيضاً عملاً بإطلاق النصّ ، ولا يبعد دعوى إطلاق فتوى الأكثر أيضاً ، وإن كان كلمات جماعة منهم كما عرفت أظهر في أذان الصلاة في الجماعة. ويمكن تطبيقه على الاعتبار أيضاً ، بدعوى ظهور إطلاق النصّ في كون مطلق الأذان حتّى الإعلامي عبادة محضة فلا يقع عليه عقد الإجارة إلّا بوصف كونه عبادة راجحة ، وهذا لا يجامع أخذ الاجرة المخرج له عن الرجحان بسبب انتفاء القربة أو الإخلاص.
ثمّ إنّ المصرّح به في كلام جماعة من أساطين (٢) الطائفة جواز ارتزاق المؤذّن من بيت المال ، مصرّحين بعدم كونه من باب الاجرة لأنّ الاجرة إذا كانت حراماً فلا يتفاوت فيه الحال بين كونها من بيت المال أو من غيره ، بل هو استحقاق شرعي حصل للمؤذّن باعتبار كونه كأذانه من مصالح المسلمين وبيت المال معدّ لمصالحهم ، ونحوه إمام الجماعة والقاضي لجواز الارتزاق للجميع ، فلا يكون الارتزاق على وجه المعاوضة ، ولذا لا يراعى في مورده عقد إجارة ولا جعالة ، ولا يعتبر فيه تعيين الاجرة ولا ضبطها جنساً ووصفاً وقدراً ، بل ينوط بنظر الحاكم فقد يساوي اجرة مثل العمل وقد ينقص منه وقد يزيد عليه ، ويعتبر فيه الحاجة عند جماعة بل الأكثر بخلاف الاجرة ، ونحو استحقاقه الرزق من بيت المال استحقاقه من غلّة الوقف كاستحقاق إمام الجماعة والقاضي أيضاً من ذلك فيما وقف على المؤذّنين أو أئمّة الجماعة أو القضاة ، فإنّه في
__________________
(١) المدارك ٣ : ٢٧٦.
(٢) كما في المبسوط ٨ : ١٦٠ ، السرائر : ٢١٥ ، الشرائع ٢ : ١١ ، القواعد ٢ : ١٠ ، الدروس ٣ : ١٧٢ ، المدارك ٣ : ٢٧٧.