علماً شرعيّاً بقول مطلق أوّل المسألة ، لعدم نهوض دليل عامّ عليه.
نعم يبقى الإشكال فيما لم يكن للمدّعي بيّنة على ما ادّعاه ، وما لم يكن في الجماعة من ادّعاه ، غير أنّهم امتنعوا عن الصلح وغيره ، وأبى كلّ واحد منهم إلّا عن أنّه إن كان له المال يدفع إليه بتمامه ، وإلّا لا حقّ له حتّى يصطلحه أو يقبل بعضه ، فهل يلحقه حينئذٍ حكم مجهول المالك وهو وجوب الصدقة ، أو يسلّمه إلى الحاكم حتّى يعمل فيه بموجب تكليفه الّذي يعرفه ، أو أنّه أجبرهم على الصلح ولو امتنعوا اصطلح عنهم قهراً عليهم لأنّه وليّ الممتنع؟ احتمالات ، أسلمها أوسطها ، وكلام الأصحاب غير محرّر هنا حتّى أنّ الشهيد وغيره ممّن تعرّض للمسألة لم يتعرّضوا للصورة المفروضة.
المقام الثاني : فيما لو جهل المالك في عدد غير محصور ، وحينئذٍ دخل المال في عنوان «مجهول المالك» كما هو المصرّح به في كلام جماعة (١) فيلحقه أحكامه الّتي نتكلّم فيها هنا بالبحث في جهات :
الجهة الاولى : في أنّه هل يجب الفحص عن المالك وطلبه حيثما احتمل الوصول إليه بالفحص أو لا؟عبارات الأصحاب كروايات الباب هنا مختلفة ، ففي كلام الفاضلين في الشرائع (٢) والتذكرة (٣) ومن تبعهما الحكم بالتصدّق من غير ذكر فحص عنه.
غير أنّ المعروف في مطلق مجهول المالك المصرّح به في كلامهم في مواضع كثيرة من غير خلاف يظهر هو وجوب الفحص حيث احتمل معرفته والوصول إليه ، وبه عدّة روايات (٤) وإن اختصّ بعضها بالدين وبعضها بالعين وبعضها محتمل الأمرين ، إلّا أنّ ظاهرهم عدم الفرق في وجوب الفحص والطلب بين دين مجهول مالكه أو عين مجهول مالكها.
وفي مقابلها عدّة روايات (٥) آمرة بالتصدّق أو غيره من غير ذكر الفحص والطلب ، ومن ذلك :
__________________
(١) كما في الجواهر ٢٢ : ١٧٧.
(٢) الشرائع ٢ : ١٣.
(٣) التذكرة ١٢ : ١٥٢.
(٤) الوسائل ٢٦ : ٢٩٦ / ١ و ٢ ، ب ٦ ميراث الخنثى ، الكافي ٧ : ١٥٣ / ١ و ٢.
(٥) الوسائل ١٧ : ١٨٥ / ١ ، ب ٤٤ ما يكتسب به ، الوسائل ٢٥ : ٤٥ / ٢ ، ب ٧ أبواب اللقطة والوسائل ١٧ : ١٩٩ / ١ ، ب ٤٧ ما يكتسب به ، التهذيب ٦ : ٣٣١ / ٩٢٠.