المحقّق الثاني (١) في الرسالة الإجماع على عدم الفرق ، ولا ينافيه ما في عبارة الأكثر من التعبير بـ «ما يأخذه» ، لقوّة احتمال إرادة المعنى الاستقبالي أي ما من شأنه أن يأخذه السلطان سواء أخذه فعلاً أو لم يأخذه بعد. وكان استظهار الخلاف منها بناءً على حملها على إرادة المعنى الحالي ، وهو محلّ منع ، ولو سلّم الظهور فهو لا يفيد الاعتبار ، لجواز كون بنائه على الغالب من كون أموال الخراج والمقاسمة مقبوضة للسلطان أو نائبه. وربّما يحمل على كون ذكره بعد جوائز السلطان كالمستثنى من جوائزهم الّتي حرم أخذها وبعد الأخذ وجب ردّها إلى مالكها إذا علمت كونها بعينها محرّمة كما تقدّم.
وعلى أيّ حال كان فالمعتمد هو عدم الاشتراط ، لما تقدّم من أخبار قبالة أرض الخراج وجزية الرءوس وخراج الشجر والنخل والآجام المعتضدة بفهم الجماعة بل الأكثر ، ونفي الخلاف ومنقول الإجماع لاختصاص مواردها بغير المقبوض.
المسألة الثانية : الرخصة الحاصلة من الأئمّة عليهمالسلام في أخذ هذه الأموال من الجائر وقبولها مجّاناً أو بأحد عقود المعاوضة مختصّة بالآخذ المتقبّل المنتقل إليه في أخذه وقبوله غير متناولة للجائر في إعطائه ، فالأخذ منه من حيث إنّه فعل للآخذ جائز لا إعطاؤه من حيث إنّه فعل للجائر ، فإنّه كسائر تصرّفاته في هذه الأموال حرام ، حتّى أنّ أخذه إيّاها من مستعملي الأراضي حرام لكونه غاصباً غير مستحقّ له ، وأنت إذا تتبّعت عباراتهم لوجدتها مشحونة على التصريح بكونه غاصباً ، أو عدم استحقاقه له ، أو كونه منه حراماً ، وما يؤدّي مؤدّى ذلك على اختلاف العبارات.
ولذا قال الفاضل في التنقيح على ما حكي : «إنّ الدليل على جواز شراء الثلاثة من الجائر وإن لم يكن مستحقّاً له النصّ الوارد عنهم عليهمالسلام والإجماع وإن لم يعلم مستنده ، ويمكن أن يكون مستنده أنّ ذلك حقّ للأئمّة عليهمالسلام وقد أذنوا لشيعتهم في شراء ذلك فيكون تصرّف الجائر كتصرّف الفضولي إذا انضمّ إليه إذن المالك» (٢).
وقال أوّل الشهيدين في الدروس : «يجوز شراء ما يأخذه الجائر باسم الخراج والزكاة والمقاسمة وإن لم يكن مستحقّاً له» (٣).
__________________
(١) رسائل المحقّق الكركي ١ : ٢٧٨.
(٢) التنقيح ٢ : ١٨ ـ ١٩.
(٣) الدروس ٣ : ١٦٩.