يعاملون الناس بجميع هذه الأموال عطيّة أو معاوضة ، فوجب استباحة الجميع دفعاً للحرج ولم يقل به أحد ، مع وضوح بطلانه بحكم الأدلّة القطعيّة والقواعد المحكّمة المتقنة بل الضرورة الدينيّة.
وأمّا الثاني : فلمنع لزوم الحرج في التجنّب عمّا يأخذونه في الأراضي الخراجيّة باسم الخراج والمقاسمة ، ولو اضطرّ أحد إلى أخذ شيء من ذلك أمكن التوصّل إلى حلّه باستئذان الحاكم الشرعي ، فقاعدة نفي الحرج غير وافية بالمدّعى أصلاً ، حتّى أنّه فيما يؤخذ من الجائر المخالف لو لا النصوص الخاصّة والإجماعات المنقولة لم يمكن إثبات الحكم المخالف للأصل والقاعدة بهذه القاعدة المدخولة هنا في كلّ من صغراها وكبراها.
وقد تقدّم في فروع جوائز الظلمة ما يبيّن أحكام ما عدا الخراج والمقاسمة المأخوذين على الأراضي الخراجيّة من الأموال الواقعة في أيدي سلاطين الشيعة وعمّالهم من الوجوه المذكورة وغيرها ، ثمّ يقع منها في يد إنسان آخر جائزة وعطيّة أو غيرها فإنّه لا يخلو عن أحد الأقسام المتقدّمة في باب الجوائز ، وقد عرفت أحكام الجميع فلا بدّ من إجراء هذه الأحكام هنا.
المسألة الخامسة : لا يعتبر في حلّ الخراج والمقاسمة المأخوذين من الجائر أن يكون المأخوذ منه الّذي أخذ منه الجائر أو عمّاله ممّن يعتقد في الجائر استحقاقه للأخذ منه ، ككونه مخالفاً يعتقد في سلطانهم ولاية الأمر ، بل لو كان مؤمناً شيعيّاً أو كافراً لا يعتقد ذلك في سلاطين الإسلام ، لإطلاق الفتاوى ومعاقد الإجماعات وإطلاق جملة من النصوص المتقدّمة ، وخصوص صحيحة الحذّاء الظاهرة في كون موردها المؤمن الغير المعتقد للاستحقاق في سلاطين المخالفين ، وظهور مورد صحيحة إسماعيل بن الفضل المتقدّمة في أخبار القبالة في الاختصاص بالكافر الذمّي حيث سئل فيه عن الرجل يتقبّل بخراج الرجال وجزية رءوسهم وخراج النخل والشجر والآجام والمصائد والسمك والطير فلا يختصّ حلّ الأخذ بكون المأخوذ منه كالآخذ من المخالفين وفاقاً لشيخنا قدسسره قائلاً : «والأقوى أنّ المسألة أعمّ من ذلك وأنّ الممضى فيما نحن فيه تصرّف الجائر في تلك الأراضي مطلقاً» (١).
__________________
(١) المكاسب ١ : ٢٢٣.