قوله بعد ما نقله ما أحسنه وأمتن دليله : إن لم ينعقد الإجماع على خلافه. والظاهر أنّ مراده انعقاد الإجماع على خلافه في دعوى اللزوم لا في القول بانعقاد البيع وصحّته بدون الصيغة المخصوصة. وعن شرح القواعد للشيخ أيضاً حكاية الإجماع محصّلاً ومنقولاً على عدم كفاية المعاطاة في اللزوم ، وقضيّة ذلك أيضاً كون مخالفة قول المفيد للإجماع في دعوى اللزوم فقط ، بل قد يدّعى الضرورة على أنّ للصيغة المخصوصة تأثيراً خاصّاً وأثراً مخصوصاً ، ولا يكون ذلك الأثر إلّا اللزوم إذ لا ضرورة بل لا إجماع على اعتبارها في صدق الاسم ولا في الصحّة.
وثانيها : خيرة المحقّق الثاني في شرح القواعد وتعليق الإرشاد (١) ووصفه في عبارته المحكيّة عن شرح القواعد بالمعروفيّة بين الأصحاب قائلاً : «المعروف بين الأصحاب أنّ المعاطاة بيع وإن لم يكن كالعقد في اللزوم خلافاً لظاهر عبارة المفيد ، ولا يقول أحد بأنّها بيع فاسد سوى المصنّف في النهاية (٢) وقد رجع عنه في كتبه (٣) المتأخّرة عنها ، وقول الله تعالى : «وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ» (٤) يتناولها لأنّها بيع بالاتّفاق حتّى من القائلين بفسادها لأنّهم يقولون إنّها بيع فاسد. وقوله تعالى : «إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ» (٥) عامّ إلّا ما أخرجه الدليل ...» (٦) إلى آخر ما ذكره. وستسمع تتمّة عبارته ، واختاره أكثر من تأخّر عنه إن لم نقل عامّتهم.
واحتمله في المسالك ، وجعل عبارة العلّامة في التحرير كالصريحة في إفادة ذلك ، قائلاً : «هل المراد بالإباحة الحاصلة بالمعاطاة قبل ذهاب العين إفادة ملك متزلزل كالمبيع في زمن الخيار وبالتصرّف يتحقّق لزومه ، أم الإباحة المحضة الّتي هي بمعنى الإذن في التصرّف وبتحقّقه يحصل الملك له وللعين الاخرى؟ يحتمل الأوّل ... إلى أن قال : وعبارة العلّامة في التحرير كالصريحة في إفادة هذا المعنى لأنّه قال : الأقوى عندي أنّ المعاطاة غير لازمة بل لكلّ منهما فسخ المعاوضة ما دامت العين باقية (٧) ومقتضى تجويز الفسخ ثبوت الملك في الجملة ، وكذا تسميتها معاوضة والحكم باللزوم
__________________
(١) حاشية الإرشاد : ٢١٦.
(٢) النهاية ٢ : ٤٤٩.
(٣) كما في المختلف : ٣٤٨.
(٤) البقرة : ٢٧٥.
(٥) النساء : ٢٩.
(٦) جامع المقاصد ٤ : ٥٨.
(٧) التحرير ٢ : ٢٧٥.