المبحث الثالث
فيما يتعلّق بالميتة موضوعاً وحكماً
ففي القاموس «مات يموت ويمات ويميت فهو ميّت ، وميّت ضدّ حيي ... إلى أن قال : وهي مَيّتة ومَيْتَةٌ وَمَيت والميتة ما لم تلحقه الزكاة» (١) انتهى.
وقضيّة صدر كلامه كون الميّتة مؤنّثة الميّت لمعنى عامّ ، لأنّ ضدّ الحيّ يعمّ الميّت الإنساني وغيره ممّا ذهبت عنه الحياة بإزهاق الروح أو بالذكاة ذبحاً أو نحراً أو رمياً ، وقضيّة ذيله كونها لمعنى خاصّ.
ومن ثمّ ربّما يتوهّم منه كونها بحسب العرف القديم مقولاً بالاشتراك بين العامّ والخاصّ ، وهو بعيد. وليس بذلك البعيد أن لو قلنا بأنّ هذه المادّة بجميع تصاريفها كانت في أصل اللغة للمعنى العامّ ، إلّا أنّ المشدّد من تصاريفها غلّب في العرف على الميّت الإنساني ، والمخفّف منها خصوصاً مع التاء غلّب على ما تلحقه الزكاة من سائر أنواع الحيوان ، ويشهد له التبادر وصحّة السلب خصوصاً سلب الميّتة عن المذكّى ، وعلى هذا فالتاء في هذه اللفظة للنقل لا غير ، ولا يبعد كون هذا النقل بحسب الوضع الشرعي ، فتكون هذه اللفظة من الحقائق الشرعيّة.
ويؤيّده أنّها في نحو قوله تعالى : و «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ» (٢) وقوله أيضاً : «إِلّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً» (٣) بل في جميع خطابات الشرع كتاباً وسنّة وفي عرف المتشرّعة مصروفة إلى هذا المعنى لا غير ، ولم يعلم من غير أهل هذا الدين أنّهم يخصّونها به. وكيف كان فموضوع البحث هو الميتة بهذا المعنى ، ولها أنواع ثلاث لأنّها
__________________
(١) القاموس ١ : ١٥٨. (موت)
(٢) المائدة : ٣.
(٣) الأنعام : ١٤٥.