في اللزوم وهو الّذي يعبّر عنه بالصيغة المخصوصة الّتي يعتبر فيها امور فلا جهة للتعدّي عنها بالاكتفاء باللفظ على إطلاقه ، فالتفكيك بين القسمين من الدالّ على التراضي أعني اللفظ والفعل المحض باللزوم في الأوّل وعدمه في الثاني أو الإباحة فيه من دون ملك تحكّم ، فإنّ مناط القسمين واحد وطريق الحكم فيهما متّحد.
وينبغي التنبيه على امور :
الأوّل : أنّ اللزوم في البيع بالصيغة والجواز في البيع بالمعاطاة ليسا عبارتين عن مجرّد الحكم التكليفي ـ أعني حرمة الرجوع في الأوّل وإباحته في الثاني ـ بل هما حكمان وضعيّان يتولّد منهما الحكم التكليفي ، فاللزوم عبارة عن أنّ لا سلطنة لأحد المتبايعين على الآخر باسترجاع ما ملكه له ويتولّد منه حرمة الرجوع ، والجواز عبارة عن أنّ لكلّ من المتعاطيين سلطنة على الآخر باسترجاع ما دفعه إليه ويتولّد منه إباحة الرجوع. أمّا الأوّل فلأنّه مقتضى أدلّة اللزوم في العقود اللازمة على ما قرّرناه في الرسالة المنفردة في أصالة الصحّة واللزوم في العقود. وأمّا الثاني فلأنّه مقتضى دليل الجواز في المعاطاة على ما بيّنّاه هنا.
الثاني : أنّ الجواز في المعاطاة نظير الجواز في الهبة لا الجواز في مواضع الخيار من العقود ، وقد يعبّر عن الأوّل بالجواز الذاتي لثبوته مطلقاً ما دامت العين باقية ، وعن الثاني بالجواز العارضي لعروضه العقد في زمان خاصّ أو لحالة مخصوصة ، ومن حكمه أنّه يقتصر في الالتزام به على مورد الدليل المثبت له ، وفيما يقتصر على مورد الدليل أيضاً يقتصر على القدر المتيقّن من زمان ثبوته وهو زمان الفور. ولو شككنا في أنّ تلف إحدى العينين هل يكون مجوّزاً للفسخ نقول بالعدم لعدم الدليل ، بخلاف الجواز الذاتي فإنّه لا يقتصر فيه على زمان خاصّ ولا حالة مخصوصة ، ولو عرضت حالة مخصوصة شكّ في كونها ملزمة يبنى على العدم إلّا إذا ساعد عليه دليل.
لنا على ما بيّنّاه ظهور كلماتهم ظهوراً يمكن معه دعوى إجماعهم عليه ، فإنّها صراحة وظهوراً مطبقة على كون الجواز في المعاطاة مراعى ببقاء العين.
الثالث : أنّ الجواز هنا بالمعنى الّذي فسّرناه ـ أعني السلطنة على الرجوع ـ هل هو من لواحق الملك أعني السلطنة على رفع ملك العين المدفوعة كما في الهبة ، أو من