الجواز بمعنى السلطنة نسبة شرعيّة بين ثلاث المتسلّط والمتسلّط عليه والمتسلّط فيه وهو المال ، لأنّه على ما عرفت عبارة عن سلطنة المالك الأصلي على صاحبه باسترجاع المال المدفوع إليه ، فله إضافة إلى كلّ من المالك الأصلي والمالك الثانوي والمال فيكون متقوّماً بالجميع فلكلّ موضوعيّة ، والمفروض انتفاء الأوّل بالموت فيكون استصحاب الجواز بالقياس إليه من استصحاب الحكم مع عدم بقاء موضوع المستصحب ، ولو سلّم عدم كونه منه نقول : بأنّ أصالة عدم الانتقال وارد عليه لسببيّة شكّه. ولو جنّ أحدهما فالظاهر وفاقاً لبعض مشايخنا (١) قيام وليّه في الرجوع مقامه لعموم أدلّة الولاية. ولا يرد هنا أصالة عدم الانتقال ، لعدم كون بناء تصرّفات الوليّ على انتقال الحكم عن المولّى عليه إليه ، بل على مباشرة الوليّ عن المولّى عليه في التصرّفات الراجعة إليه الملغاة في نظر الشارع كالنيابة في مواردها ، فلا ينتقل الحكم من المولّى عليه إلى الوليّ.
السادس : قد عرفت سابقاً أنّ للمعاطاة إحدى وعشرين صورة ، وظاهر عبارة الشيخ في شرح القواعد (٢) كون هذه الصور بأسرها من محلّ النزاع ولزم منه أن يجري فيها الأقوال المتقدّمة. وإطلاق ذلك عندنا غير سديد كما يظهر وجهه ببيان ما يعتبر في انعقادها بيعاً صحيحاً مفيداً للملك وما لا يعتبر. فهاهنا مسائل :
الاولى : أنّه يعتبر فيها قصد إنشاء التمليك والتملّك إذ بدونه لا تصير بيعاً ولو صدق الاسم عرفاً لا تقع صحيحة تترتّب عليها أثر الملك ، وهو أن يقصد الموجب بإيجابه الفعلي ـ وهو التقابض والتعاطي ـ أو القولي وهو اللفظ الغير الجامع لشرائط الصيغة المخصوصة أو هما معاً إنشاء تمليك عينه لصاحبه بعوض الثمن الّذي وقع عليه التراضي ، ويقصد صاحبه الّذي هو القابل بقبوله الفعلي أو القولي أو هما معاً إنشاء تملّك العين بعوض الثمن المذكور أو إنشاء تمليك ثمنه المذكور للموجب عوضاً عن عينه الّتي ملّكها له أو إنشاء تملّك العين وتمليك الثمن ، نظراً إلى أنّ ظاهر إطلاق أهل القول بكون المعاطاة بيعاً صحيحاً كفاية وقوع القبول بأحد هذه الوجوه ، ويساعد عليه
__________________
(١) المكاسب ٣ : ١٠٢.
(٢) شرح القواعد ٢ : ١٥.