الأصلي للغرامة بالمثل أو القيمة مع التلف الشامل لما كان التلف بإتلاف غاصب.
وما يقال عليه : من أنّ تلف العين إذا كان بجناية الغير فهو ليس بتلف حقيقي لانتقالها حينئذٍ إلى ذمّة الجاني ، ومع قرارها في الذمّة لِمَ لا يجوز الرجوع عليه بأخذ المثل أو القيمة. ففيه أنّه لا كلام في الانتقال إلى ذمّة الجاني ، وإنّما الكلام فيمن يستحقّ ما في ذمّته من المثل أو القيمة ، ونحن نقول بأنّ كونه المدفوع إليه لا المالك الأصلي أوفق بالأصل والقواعد حسبما بيّنّاه.
وقد يستدلّ على اللزوم بالسيرة فإنّها قائمة بعدم الرجوع بعد التلف مطلقاً. ونوقش بكونها مجملة إذ لا يدرى أنّ بناءهم في عدم الرجوع هل هو لزعمهم كونها بيعاً لازماً من أصلها أو بيعاً جائزاً فيلزم بالتلف أو معاملة مستقلّة لازمة من أصلها أو جائزة تلزم بالتلف أو إباحة لا تقبل الرجوع بعد التلف؟ فجهة البناء غير معلومة فتكون كالإجماع التقييدي في عدم صلاحيته للاستناد إليه.
ويزيّفها أنّ السيرة على فرض قيامها بعدم الرجوع تكشف كشفاً قطعيّاً عن تقرير المعصوم الكاشف عن كون معتقده أنّه لا رجوع في المعاطاة بعد التلف وهذا كافٍ في ثبوت اللزوم بعده ، غاية الأمر بقاء التشكيك في الجهة الباعثة عليه وهو لا يضرّ بالقطع بأصل اللزوم بعد التلف. نعم يخدشها أنّ غاية ما يسلّم قيام السيرة بعدم الرجوع بعد التلف ، وهو غير اللزوم بمعنى عدم جواز الرجوع وهذا هو محلّ الكلام ، والسيرة ساكتة عنه ، فدليل اللزوم منحصر في الأصل حسبما قرّرناه.
ولو تلف البعض من كلّ من العينين فيحتمل فيه القول باللزوم مطلقاً ، والقول بجواز الرجوع بعين البعض الباقي وعوض البعض التالف ، والقول بالجواز في البعض الباقي واللزوم في البعض التالف وجوه ، قد يقال بأنّ خيرها أخيرها للاستصحاب مراداً به استصحاب الجواز السابق على التلف بالنسبة إلى الباقي وأصالة عدم استحقاق الغرامة بالمثل والقيمة بالنسبة إلى التالف ، مضافاً إلى أصالة عدم ضمانها.
لا يقال : إنّ الحكم السابق على التلف إنّما جواز ترادّ العينين وهو بتلف البعض من كلّ منهما غير ممكن فيسقط جوازه أيضاً ، لأنّ المسلّم من عدم الإمكان إنّما هو ترادّ التالف من كلّ منهما وأمّا ترادّ الباقي منهما فممكن جزماً فنحكم ببقاء جوازه ولو بحكم