الاستصحاب.
نعم يمكن الخدشة في الاستصحاب بعدم بقاء الموضوع لأنّ موضوع المستصحب هو مجموع العينين وهو غير باق والباقي الّذي هو البعض من المجموع غيره ، وضابطه وجوب كون القضيّة المشكوكة بعينها هي القضية المتيقّنة بلا اختلاف بينهما إلّا في اليقين والشكّ وتعدّد زمانيهما باعتبار السبق واللحوق ، وما نحن فيه ليس من هذا القبيل ، لأنّ القضيّة المتيقّنة في الزمان السابق جواز الرجوع بمجموع العينين والقضيّة المشكوكة في الزمان اللاحق جواز الرجوع بالبعض من المجموع ، ولا ريب في تعدّد موضوعي القضيّتين ، وهذا آية عدم بقاء الموضوع.
ويمكن دفعها بأنّ الموضوع ليس مفهوم مجموع العينين بل مصداقه ، ولا ريب أنّ مصداق المجموع ينحلّ إلى أجزائه فيتبعه جواز الترادّ فيضاف إلى كلّ من أجزاء المجموع الّتي منها البعض الباقي منهما جواز الترادّ ، فجواز الترادّ بالنسبة إلى البعض الباقي من كلّ منهما ليس من استصحاب الحكم مع عدم بقاء موضوع المستصحب ، إلّا أنّ تتميم ذلك مبنيّ على ثبوت جواز ترادّ البعض من كلّ من العينين لكلّ من المتعاطيين حال وجود العينين بتمامهما ، وهذا غير واضح لعدم وضوح الدليل عليه.
نعم ربّما يدخل في الوهم التمسّك له بالفحوى بتقريب أنّه إذا جاز لهما ترادّ العينين بتمامهما يجوز لهما ترادّ البعض من كلّ منهما بطريق أولى ، ولكن يزيّفه منع الأولويّة ، وسند المنع لزوم تبعّض الصفقة الموجب للضرر ، وعليه فيشكل التعلّق بالاستصحاب لإثبات بقاء جواز الترادّ بالنسبة إلى البعض الباقي منهما. فالوجه والمختار حينئذٍ أوّل الوجوه المتقدّمة.
المسألة الثانية : فيما لو تلفت إحدى العينين بتمامها والمصرّح به في كلام جماعة من أساطين الطائفة من غير خلاف يظهر على القول بالملك لزوم المعاطاة من الجانبين وعلّله المحقّق الثاني في كلامه المتقدّم في مفتتح الباب «بأنّ الترادّ يجوز ما دام ممكناً ومع تلف إحدى العينين يمتنع الترادّ فيتحقّق اللزوم» (١).
__________________
(١) جامع المقاصد ٤ : ٥٨.