أنّه يرد عليه أنّ غاية ما يلزم من بطلان تبعّض الصفقة ونفي الضرر إنّما هو انتفاء الوجه الأخير من الوجوه الثلاث المتقدّمة لا تعيّن الوجه الأوّل ، لقيام احتمال الوجه الثاني كما أشار إليه الشهيد رحمهالله بقوله «بل غايته جواز فسخ الآخر فيرجع إلى المثل أو القيمة» اللهمّ إلّا أن يعتذر بأنّ هذا الاحتمال منفيّ بأصالة عدم استحقاق المثل أو القيمة. وعلى هذا فأوجه الوجوه هو الوجه الأوّل وفاقاً للمحقّق المتقدّم ، هذا كلّه على القول بالملك. وأمّا على القول بالإباحة فيجري هنا كلّما تقدّم في ذيل المسألة الاولى في حكم تلف بعض من كلّ من العينين على القول المذكور ، ولا حاجة إلى الإعادة والتكرار.
المسألة الثالثة : في نقل ملك كلّ من العينين إلى غير من هي بيده نقلاً لازماً ، كالبيع العقدي أو الصلح أو الهبة المعوّضة كذلك ، أو جعله مهراً في عقد النكاح ونحو ذلك فالمصرّح به في كلام جماعة منهم الشهيد في المسالك كونه كالتلف في إفادة اللزوم وقد ينفى عنه الخلاف ، وعلّلوه بامتناع الترادّ ، ووجه الامتناع أنّ الملك الحاصل للغير مانع شرعي عن استرجاعه فالامتناع شرعي ، وهو الفارق بينه وبين التلف لكون الامتناع فيه عقليّاً ، ولا فرق فيه بين القول بالملك في المعاطاة والقول بالإباحة لكون المانع المذكور مشترك اللزوم بين القولين ، إذ لا كلام عند القائلين بالإباحة في كون التصرّف الناقل مفيداً للملك في العين لمن انتقلت إليه سواء قيل باشتراط تأثيره بسبق الملك للمتصرّف وأنّه يحصل آناً ما حين التصرّف ، أو قيل بعدم اشتراطه به بل يكفي فيه مجرّد إباحة التصرّفات الناقلة.
لا يقال : الامتناع يسلّم في ترادّ العينين لا في ترادّ البدلين ، لأنّا نقول : إنّ البدل إمّا جعلي وهو المأخوذ عوضاً عن العين المنتقلة إلى الغير الموجود في يدي المتعاطيين ، أو واقعي وهو المثل أو القيمة ، وأيّاً ما كان فجواز الترادّ في البدلين ممّا لا معنى له.
أمّا بالنسبة إلى البدل الجعلي فتارةً لفقد المقتضي للجواز ، واخرى لوجود المانع منه. أمّا الأوّل : فلأنّ المقتضي لجواز المعاطاة إنّما اقتضاه في مورديها العوض والمعوّض ، والبدل الجعلي ليس من موردها فلا مقتضى لجواز ترادّ البدلين ، والأصل عدمه. وأمّا الثاني : فلأنّ الناقل المفيد للّزوم كما أفاده في العينين كذلك أفاده في بدليهما ، فالملك اللازم المفروض فيهما مانع من ترادّهما ، وفيه تأمّل.