الأصل يعارضه أصالة بقاء سلطنة المالك على ماله الممتزج ، يدفعه كون الأصل المذكور سببيّاً فيكون وارداً على أصالة بقاء السلطنة.
وإن اريد بها الشركة بمعنى اشتباه المال الممتزج بالممتزج به فهو مسلّم إلّا أنّ الموجب لامتناع الترادّ هو هذا الاشتباه.
وتوهّم : إمكان الترادّ على هذا التقدير بالقرعة الّتي هي لتعيين المعيّن في الواقع المشتبه في الظاهر كما احتمله بعضهم ، يدفعه عدم الجابر لعموم أخبار القرعة بالنسبة إلى هذا المورد وبدونه لا اعتبار بالقرعة. ولو اشتبه إحدى العينين بعين اخرى مثلها على وجه الشبهة المحصورة لا الامتزاج فالظاهر سقوط الرجوع لامتناع الترادّ أيضاً مع الاشتباه. واحتمال التعيين بالقرعة مدفوع بما عرفت.
وينبغي ختم الباب بإيراد امور مهمّة :
الأمر الأوّل : فيما يتعلّق بالمنافع المستوفاة من العين والنماءات المتجدّدة منها بعد المعاطاة من لبن أو صوف أو نتاج في الحيوان أو ثمار في النخيل والأشجار ، فهذا يتضمّن مسألتين :
الاولى : لو رجع بالعين بعد ما استعملها من هي بيده واستوفى منافعها إلى زمان الرجوع بالعين ـ كسكنى الدار وركوب الدابّة واستخدام الأمة ـ لا يرجع بأُجرة المنافع المستوفاة ، كما نصّ عليه في المسالك (١).
والظاهر أنّه ممّا لا خلاف فيه ، وهو المطابق للصواب الموافق للقواعد ، من غير فرق فيه بين القول بالملك والقول بالإباحة.
أمّا على الأوّل فلأنّه إنّما استوفاها في ملكه على معنى كونها ملكاً له تبعاً لملك العين فلا يعقل الاجرة عليها ، مضافاً إلى أصالة عدم استحقاقه الاجرة وأصالة براءة ذمّة المستوفي لها عن وجوب ردّ الاجرة.
وأمّا على الثاني فلأنّه إنّما استوفاها بإذن المالك حيث أباح له التصرّفات الّتي هي في معنى إباحة المنافع ، فتلفها مستند إلى تسليط المالك فلا يعقل كونها مضمونة عليه.
__________________
(١) المسالك ٣ : ١٥٠.