والقول بالتفصيل بين القول بالملكيّة فيلزم ، والقول بالإباحة فيجوز الرجوع به.
وأمّا الصورة الثالثة : فيجري فيها الوجوه المذكورة أيضاً بالقياس إلى النماء ، وتحقيق المقام أنّه لمّا كان مبنى المسألة على قاعدة التبعيّة فلا بدّ من التكلّم في تلك القاعدة ، فنقول : إنّ التبعيّة قد تلاحظ بالنسبة إلى أصل الملك ، وقد تلاحظ بالنسبة إلى وصفه من حيث الجواز واللزوم ، أمّا بالنسبة إلى أصله فالظاهر أنّ التبعيّة فيه ثابتة في الجملة وأنّها إجماعيّة فالنماء ملك لمالك العين سواء على القولين بالملكيّة وبالإباحة ، غاية الأمر أنّه على الأوّل ملك لمن هي بيده لأنّها ملك له ، وعلى الثاني ملك للمبيح لأنّها ملك له.
ولكن قد يورد عليه بأنّ السيرة في خصوص المعاطاة قائمة بملكيّة النماء لمن بيده العين مطلقاً حتّى على القول بالإباحة ، ودعوى السيرة إن صحّت كانت السيرة مخصّصة للقاعدة المجمع عليها ، ولكن قيامها بالملكيّة على الوجه المذكور محلّ شكّ عندنا ، وهذا يوجب كون القاعدة في معقد الإجماع مجملة ثابتة على وجه القضيّة المهملة ، فلا بدّ بالقياس إلى النماء في مورد المعاطاة من الرجوع إلى الاصول والأخذ بما يقتضيه الأصل ، فنقول : لا شبهة في أنّ النماء بتجدّده من العين صار ملكاً مردّداً بين مالكها ومن هي بيده ، ولو قيل : الأصل عدم دخوله في ملك من هي بيده ، يقال : الأصل عدم دخوله في ملك من هي ملك له ، والأصلان يتساقطان فيرجع إلى أصل ثالث ، وهو أصالة عدم تسلّط المبيح على الرجوع به واسترجاعه ممّن هو بيده. وقضيّة هذا الأصل عدم التبعيّة في وصف الملك وهو الجواز على القول بالملكيّة ، فإنّ الأصل عدم تسلّط المالك الأصلي للعين على استرجاع نمائها من مالكه وهو مالك العين سواء كانت العين تالفة أو باقية أراد الرجوع بالعين أو لا. فتقرّر أنّ مقتضى الاصول في النماء هو اللزوم وعدم الرجوع به في جميع الصور الثلاث المذكورة ، من غير فرق فيه بين القول بالملكيّة والقول بالإباحة ، فتدبّر.
الأمر الثاني : قد علم من تضاعيف الباب أنّ المعاطاة في نفسها معاملة جائزة ويعرضها اللزوم بأحد الأسباب الملزمة المتقدّمة ، فإن توافق المتعاطيان على عدم تحقّق شيء من الأسباب الملزمة فلا إشكال في عدم اللزوم بل هو في معنى اتّفاقهما