ومجرّد احتمال عدم تعارفه لا يوجب الانصراف ولا يمنع شمول العموم والإطلاق لهما ، كما أنّ معلوميّة تعارف التعاقد بالماضي لا يستلزم العلم بعدم تعارفه بغير الماضي. وأمّا الشهرة محقّقة ومحكيّة والإجماع المنقول في التذكرة فلا ينهضان لتخصيص عمومات الأدلّة ولا لتقييد مطلقاتها ، لعدم بلوغهما حدّ الظنّ الاطمئناني.
الجهة الثالثة : فيما يشترط في الهيئة التركيبيّة الحاصلة من الإيجاب والقبول ، وفيه مسائل :
المسألة الاولى : في أنّه هل يشترط تقديم الإيجاب على القبول أو لا ، بل يجوز تقديم القبول؟ قولان ، أشهرهما على ما نصّ عليه جماعة (١) تبعاً للعلّامة في المختلف (٢) الاشتراط ، ونسب ذلك إلى الشيخ في الخلاف (٣) وابن حمزة في الوسيلة (٤) والحلّي في السرائر (٥) والعلّامة في جملة من كتبه (٦) والمحقّق الثاني في جامع المقاصد (٧) وصيغ العقود (٨) وتعليق الإرشاد (٩).
وعن المختلف (١٠) وشرح الإرشاد (١١) نسبته أيضاً إلى المبسوط. ولكن العبارة المنقولة عنها ليست بصريحة ولا ظاهرة في الاشتراط ، لأنّه قال : «وإن تقدّم القبول فقال : بعنيه بألف ، فقال : بعتك ، صحّ. والأقوى عندي أنّه لا يصحّ حتّى يقول المشتري بعد ذلك : اشتريت» (١٢) وهذا كما ترى ظاهر في كون عدم الصحّة الّذي قوّاه ثانياً بعد الحكم بالصحّة من جهة تقديم القبول إنّما هو لحيثيّة كون القبول المتقدّم المذكور بصيغة الأمر الدالّ على الاستدعاء لا لمجرّد التقديم ، فإنّ «بعنيه» مشتمل على حيثيّين ، بل حكمه بالصحّة أوّلاً المعلّق على عنوان تقديم القبول ربّما كان ظاهراً في أنّ الحيثيّة الموجودة في هذا اللفظ لو كانت منحصرة في التقديم كان حكمها الصحّة ، ولكنّ فيه حيثيّة اخرى هي موجبة لعدم الصحّة وهي كون القبول بالأمر الدالّ على الاستدعاء.
__________________
(١) كما في الإرشاد ١ : ٣٥٩ ، الإيضاح ١ : ٤١٣ ، التنقيح ٢ : ٢٤.
(٢) المختلف ٥ : ٥٢.
(٣) الخلاف ٣ : ٣٩ المسألة ٥٦.
(٤) الوسيلة : ٢٣٧.
(٥) السرائر ٢ : ٢٥٠. (٦) التذكرة ١٠ : ٨.
(٧) جامع المقاصد ٤ : ٦٠. (٨) رسائل المحقّق الكركي (صيغ العقود) ١ : ١٧٧.
(٩) حاشية الإرشاد : ١١٦. (١٠) المختلف ٥ : ٥٢.
(١١) شرح الإرشاد : ٤٦. (١٢) المبسوط ٢ : ٨٧.