خارج عن الماهيّة ويكون اعتباره فيه على وجه الشرطيّة ، فالقابل فيه من اعتبر في المال المنتقل عنه إلى صاحبه العوضيّة على وجه الشرطيّة ويقال له «المتصالح» فإن تأخّر عن الموجب في الإنشاء كان قبوله عبارة عن إنشاء الرضا بما تحقّق من الموجب وهو المصالح من نقل ماله إليه على أن يكون ما يخرج عنه من مال المصالحة عوضاً عنه ، وإن تقدّم عليه في الإنشاء كان قبوله عبارة عن إنشاء الرضا بما يتحقّق من الموجب من نقل له إليه على أن يكون ما يخرج عنه من مال المصالحة عوضاً عنه ، فهو المتصالح في الصورتين فيجوز كلّ من التأخّر والتقدّم في قبوله ، فدعوى عدم تصوّر تقديم فيه مع بقائه على وصف القبوليّة مكابرة.
وبالجملة تشخيص القابل عن الموجب في الصلح والبيع وغيرهما أمر عرفي منوط باعتبار المتعاقدين كما اعترف به المفصّل في جملة كلام له بعيد التفصيل المذكور قائلاً : «بأنّ مغايرة الالتزام في قبول البيع لالتزام إيجابه اعتبار عرفي ، فكلّ من التزم بنقل ماله على وجه العوضيّة لمال آخر يسمّى مشترياً ، وكلّ من نقل ماله على أن يكون عوضه مالاً من آخر يسمّى بائعاً. وبعبارة اخرى كلّ من ملّك ماله غيره بعوض فهو البائع ، وكلّ من ملك مال غيره بعوض ماله فهو المشتري ، وإلّا فكلّ منهما في الحقيقة يملّك ماله غيره بإزاء مال غيره ، ويملك مال غيره بإزاء ماله» (١).
وقد يجعل الضابط في تشخيص المشتري من البائع مقرونيّة سلعته في العقد بباء المقابلة ، فالمشتري في مثل «بعتك داري بدارك وقبلت دارك بداري» هو مالك الدار الثانية المقرونة بالباء.
المسألة الثانية : في اشتراط الموالاة بين الإيجاب والقبول ، وهذا الشرط كما قيل لم يذكره الأكثرون وإنّما ذكره جماعة أوّلهم الشيخ في المبسوط (٢) في باب الخلع وتبعه العلّامة (٣) في جملة من كتبه وبعده الشهيدان (٤) والمحقّق (٥) الثاني والفاضل (٦) المقداد. وقد يعبّر عن الموالاة باتّصال القبول بالإيجاب ، ويفسّران بأن لا يتخلّل بينهما سكوت
__________________
(١) المكاسب ٣ : ١٥٦.
(٢) المبسوط ٤ : ٣٦٢.
(٣) القواعد ٢ : ٤ و ٨٠.
(٤) الدروس ٢ : ٢٦٤ و ٣ : ١٩١ ، والمسالك ٦ : ٩ و ٩ : ٣٨٤.
(٥) جامع المقاصد ٤ : ٥٩.
(٦) التنقيح ٢ : ٢٤.