العقود ، فإنّها تفيد الظنّ البالغ حدّ الاطمئنان الّذي هو مناط الاستنباط في الأدلّة الظنّيّة وبه الكفاية.
الثاني : قاعدة الإقدام الّذي قد يعبّر عنه بقاعدة التضمين ، وقد يعبّر أيضاً بقاعدة التعويض. وتقريرها : أنّ القابض للمال بالعقد الفاسد أقدم على أن يكون مضموناً عليه بعوض ، وإذا لم يسلم له العوض المسمّى بعدم إمضاء الشارع إيّاه من جهة فساد العقد رجع إلى العوض الواقعي من مثل أو قيمة.
تمسّك بها جماعة منهم ثاني الشهيدين في المسالك (١) وقبله الشيخ في مواضع [من] مبسوطه (٢) إلّا أنّه عبّر عن الإقدام بالدخول ، وقرّره بأنّه دخل على أن يكون المال مضموناً عليه بالعوض ، فإذا لم يسلم له العوض المسمّى رجع إلى المثل أو القيمة.
وتوضيحها : أنّ الدافع والقابض لمّا تراضيا وتواطئا على العقد الفاسد ولو مع علمهما أو علم أحدهما بالفساد التزما بلوازم العقد الّتي منها ضمان كلّ منهما عوض ما قبضه ، وهذا هو معنى إقدام كلّ منهما على الضمان للعوض ، والمفروض عدم سلامة العوض المسمّى بسبب عدم إمضاء الشارع له ، فوجب على القابض ردّ ما قبضه بعينه إن كان باقياً وإلّا وجب ردّ مثله أو قيمته.
وهذا ينحلّ إلى الاستدلال بقياس ينتظم من صغرى وكبرى ، وهو أنّ القابض قد أقدم على ضمان المال بعوض لم يسلم له العوض ، وكلّ من أقدم على ضمان المال بعوض لم يسلم له العوض وجب عليه عوضه الواقعي من مثل أو قيمة.
واجيب (٣) عنه : بما يرجع إلى منع الصغرى ، وهو أنّهما إنّما أقدما وتواطئا على ضمان خاصّ وهو الضمان بالعوض المسمّى لا بمطلق العوض ، والمفروض انتفاء الخصوصيّة بعدم إمضاء الشارع لهذا الضمان الخاصّ ، والجنس لا يبقى بعد انتفاء الفصل ، ومطلق الضمان أعني الضمان بمطلق العوض ممّا لم يتواطآ ولم يقدما عليه حتّى يتقوّم بخصوصيّة اخرى وهو الضمان بالعوض الواقعي مثلاً أو قيمة ، فالضمان بالمثل أو القيمة حيثما ثبت تابع لدليله وليس ممّا أقدم عليه المتعاقدان.
__________________
(١) المسالك ٤ : ٥٦.
(٢) المبسوط ٣ : ٥٨ ، ٦٥ ، ٨٥ ، ٨٩.
(٣) المكاسب ٣ : ١٨٨ ـ ١٨٩.