الرابع : الخبر المشهور المستدلّ به على الضمان في أكثر موارده وهو قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «على اليد ما أخذت حتّى تؤدّي» (١) كما في جملة من العبارات ، أو «حتّى تؤدّيه» كما في بعض العبارات ، أو «حتّى تؤدّيه إلى أهله» كما في عبارة ثالثة. وهذا الخبر باعتبار السند وإن كان عامّياً بل مرسلاً أيضاً بل مقطوع الإسناد على ما هو مذكور في كتب القوم ، إلّا أنّه مشهور بين الفريقين مجمع عليه عندهما متلقّى بالقبول لدى كافّة الأصحاب حتّى القائلين من القدماء ـ كالسيّدين والحلّي وأضرابهما ـ بعدم قبول الأخبار إلّا في مواضع العلم بصدورها لتواتر أو احتفاف بقرائن القطع ، فهو من الأخبار المقطوع بصدورها ، فلا ينبغي التأمّل فيه من حيث السند ، لانجبار ضعفه بالعامّيّة والإرسال وغيرهما بما ذكر بل بالقطع بصدوره.
بل العمدة في إنهاضه دليلاً على الضمان التكلّم في دلالته المتوقّف على النظر في معاني مفرداته ومعناه التركيبي ، فنقول : إنّ مفرداته كلمة «على» وهي على ما حقّق في العلوم العربيّة وصرّح به في كتب اللغة للاستعلاء ، وهو على ما ذكره النحاة وإن انقسم إلى الحسّي والمعنوي الّذي قد يعبّر عنه بالمجازي ، إلّا أنّه حقيقة ظاهراً في الحسّي الّذي قد يعبّر عنه بالركوبي ، كما في «زيد على فرسه أو على السفينة» وقد يعبّر عنه بالحملي وهو أن يكون المستعلي محمولاً ومدخولها حاملاً له ، وهذا أعمّ. من الأوّل لصدقه في مثل «زيد على السطح» دون الركوبي وهو أن يكون المستعلي راكباً ومدخولها مركوباً ، والظاهر أنّها حقيقة في الأعمّ وأيّاً ما كان فله لوازم كثيرة قد يكنّى في الاستعمال بها ، لها كلّ في مقامه المناسب له.
فمنها : الثقل على معنى كون ثقل الراكب على المركوب وثقل المحمول على الحامل ، ومنه عليّ دَين وعليه قضاء أو قصاص أو دية أو نحو ذلك ، ومعناه أنّ ثقله المعنوي من جهة كونه مخاطباً بأدائه عليه.
ومنها : اللزوم على معنى كون الراكب أو المحمول لازماً لمركوبه أو حامله ، ومنه و «عَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ» (٢) و «توكّلت على الله» ومعناه لزوم العبد في حوائجه
__________________
(١) عوالي اللآلي ١ : ٢٢٤ / ١٠٦.
(٢) إبراهيم : ١٢.