قد بسطنا الكلام في تحقيق هذه القاعدة في رسالة منفردة فلا نطيل القول فيها هنا ، بل الّذي ينبغي أن يذكر هنا هو أنّا في غناء عن التمسّك بها وجعلها دليلاً على حدة على ضمان المال المقبوض بالعقد الفاسد ، بناءً على ما تقدّم من تعميم العقد لكلّ عقد فاسد من عقود المعاوضة فيساوق القاعدة المذكورة لما نحن فيه ، مع كون مدركها على ما يستفاد من كلامهم جميع ما عرفته من أدلّة ما نحن فيه من الإجماعات المنقولة ، وقاعدة الإقدام ، وقاعدة الاحترام ، وقاعدة ضمان اليد ، وعلى هذا فهي على مذاقنا لا تصلح مدركاً لما نحن فيه. نعم على مذاق من اقتصر فيما نحن فيه على ضمان المقبوض بالبيع الفاسد كما في عبارة الشرائع (١) وغيره (٢) ممّن تبعه فلا بأس بأخذها مدركاً له من باب تفريع الحكم الجزئي على الكلّي والخاصّ على العامّ.
ثمّ إنّ في المقام فروعاً كثيرة تذكر في طيّ مسائل :
المسألة الاولى : أنّ ردّ المال المقبوض بالعقد الفاسد إلى مالكه كما هو مقتضى ضمان العين هل يجب فوراً ـ كما جزم به شيخنا قدسسره قائلاً : «والظاهر أنّه ممّا لا خلاف فيه على تقدير عدم جواز التصرّف فيه» (٣) فيأثم بالتأخير من غير عذر ـ أو على التراخي فلا يأثم بالتأخير كما يظهر من الشيخ فيما حكي عنه في المبسوط من عدم الإثم في قبضه معلّلاً «بأنّه قبضه بإذن مالكه» (٤) نظر [اًإلى] انّ تعليله يقتضي عدم الإثم في إمساكه أيضاً لأنّ القبض إذا كان بإذن المالك فجميع الأفعال المترتّبة عليه الّتي منها الإمساك أيضاً تكون بإذنه ، بل عن التحرير (٥) التصريح بعدم الإثم في إمساكه ، وكذلك عن السرائر (٦) ناسباً له إلى الأصحاب مؤذناً بدعوى الإجماع عليه؟ قولان ، أقواهما الأوّل : إمّا لأنّ الإمساك تصرّف في مال الغير بغير إذنه فيحرم ، وهو يلازم وجوب ردّه فوراً. ويدلّ على حرمة التصرّف قول الحجّة عجّل الله فرجه المرويّ مرسلاً : لا يجوز لأحد أن يتصرّف في مال غيره إلّا بإذنه» (٧). وتوهّم : أنّه مأذون فيه لأنّه قبضه بإذن المالك وهو يلازم الإذن في جميع الأفعال المترتّبة عليه ومنها الإمساك وإن صدق عليه
__________________
(١) الشرائع ٣ : ١٣.
(٢) كما في الإرشاد ١ : ٣٦٢ ، وجامع المقاصد ٤ : ٦١.
(٣) المكاسب ٣ : ١٩٩.
(٤) المبسوط ٢ : ١٤٩.
(٥) التحرير ٢ : ٢٧٧.
(٦) السرائر ٢ : ٢٨٥. (٧) الوسائل ٢٥ : ٣٨٦ / ٤ باب ١ من أبواب الغصب.