أو الخلّ ، وعدل المتاع أو الطحين ، وصندوق العنب وما أشبه ذلك ، وكذلك الدابّة المستأجرة الّتي يقبضها المستأجر للتوصّل إلى قبض المنفعة واستيفائها في الإجارة الفاسدة ـ فقد يحكى فيها قول بالضمان تبعاً لضمان العين تعليلاً بأنّ المالك لم يقبضها مجّاناً وبلا عوض فيكون مضمونة على قابضها.
وضعّف : بأنّها وإن لم يقبضها المالك مجّاناً إلّا أنّه لم يقبضها على وجه التعويض أيضاً بل إنّما أقبضها للتوصّل إلى إقباض العين ، فتكون في يد قابضها أمانة كما في صورة صحّة العين ، ومن حكم الأمانات عدم كونها مضمونة إلّا مع التفريط أو التعدّي ، غاية الأمر كون الأمانة فاسدة لفساد العقد فيشكّ في ضمان عوضها مثلاً أو قيمة على تقدير تلفها من غير تفريط ولا تعدّ ، والأصل براءة الذمّة لعدم الدليل على الضمان كما لا ضمان فيه على تقدير صحّة العقد ، مضافاً إلى قاعدة «ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفساده».
وممّا بيّنّاه انقدح أنّ ثمر البحث هنا يظهر في صورة التلف بلا تفريط ولا تعدّ ، فلو لم تتلف بأن تكون باقية في يد قابضها لا ينبغي الاسترابة في وجوب ردّها إلى المالك ، كما أنّها لو تلفت بالتفريط أو التعدّي لا ينبغي التأمّل في ضمان أعواضها مثلاً أو قيمة.
المسألة الرابعة : إنّه لو كان للعين المقبوضة منفعة استوفاها المشتري ـ كركوب الدابّة ، واستخدام العبد ، ولبس الثوب ، وسكنى الدار وما أشبه ذلك ـ ففي المنفعة فعليه عوضها الّذي يقال له اجرة المثل كما عليه بعض مشايخنا (١) ناسباً له إلى المشهور ، وعدمه كما عن الوسيلة (٢)؟ قولان. وقد يستظهر ممّا ذكره الحلّي في السرائر من كون هذا المال بمنزلة المغصوب الاتّفاق عليه ، لمكان الاتّفاق على ضمان منافع المغصوب المستوفاة.
واستدلّ عليه بعموم قوله : «لا يحلّ مال امرئ مسلم إلّا عن طيب نفسه» (٣) بناءً على صدق المال على المنفعة ، ولذا يجعل ثمناً في البيع ومهراً في النكاح.
وفيه : نظر بل منع ، لأنّ نفي الحلّيّة يلازم الحرمة أو عينها ، وأيّاً ما كان فهو غير الضمان الّذي هو حكم وضعي ، فلا يثبت به الحكم الوضعي إلّا إذا ثبت بينهما ملازمة ، وثبوتها يحتاج إلى دليل من إجماع أو نصّ غير هذا الخبر الّذي هو دليل الملزوم
__________________
(١) المكاسب ٣ : ٢٠١.
(٢) الوسيلة : ٢٥٥.
(٣) عوالي اللآلئ ٢ : ١١٣ / ٣٠٩.