وقد يعبّر عنه «بالإجماع» كما عن جامع المقاصد (١) وعن غاية المراد (٢) «أطبق الأصحاب على ضمان المثلي بمثله إلّا ما يظهر من ابن الجنيد».
وقد يقال في مذهبه : إنّ كلامه محتمل لأن يكون المالك مخيّراً في ضمان المثلي بين الأخذ بالمثل أو بالقيمة ولتعيّن القيمة إلّا إذا رضي المالك بالمثل عبارته المحكيّة في باب الغصب «إنّ ترك المغصوب ضمن قيمته أو مثله إن رضي صاحبه».
ومبنى الاحتمالين احتمال رجوع القيد إليهما ، واحتمال رجوعه إلى الأخير.
وقد تعرّض الأصحاب لتعريف المثلي دون القيمي اكتفاءً في اتّضاح حاله باتّضاح حال المثلي باعتبار قرينة المقابلة.
واختلفت كلماتهم في تعريف المثلي غاية الاختلاف ، وأجودها كما اعترف به غير واحد تعريفه بما يتساوى قيمة أجزائه كما في الشرائع (٣) وعن الشيخ (٤) وابن زهرة (٥) والعلّامة (٦) وغيرهم (٧) وفي كلام غير واحد (٨) وصفه بالمشهور. وظنّي أنّه لو عبّر مكان القيمة بالقيم كان أولى. وقد يعبّر عن أصل التعريف بما يتساوى أجزاؤه من حيث القيمة ، والمراد بأجزائه كما قيل : «ما يصدق على كلّ اسم الحقيقة» (٩) كما أنّ المراد بتساوي الأجزاء من حيث القيمة «تساويها فيها من حيث المقدار» ويلزم من ذلك أن يتساوى الأجزاء أيضاً من حيث المقدار إذ لو لا تساويها كذلك لم تتساو من حيث القيمة ، وقضيّة هذا كلّه أن يكون نسبة قيمة كلّ جزء إلى قيمة المجموع كنسبة نفس كلّ جزء إلى نفس المجموع ، وهذا ما يقال له بتساوي الأجزاء من حيث القيمة في النسبة.
وقد يفسّر ذلك بأن يكون قيمة كلّ بعض بالنسبة إلى قيمة البعض الآخر كنسبة نفس البعضين من حيث المقدار ، ولذا قيل في توضيحه : «أنّ المقدار منه إذا كان يستوي قيمة نصفه فنصفه يستوي نصف تلك القيمة» (١٠) ومن هنا رجّح الشهيد كون المصوغ
__________________
(١) جامع المقاصد ٦ : ٣٤٥.
(٢) غاية المراد ٢ : ٣٩٨. (٣) الشرائع ٣ : ٢٣٩.
(٤) المبسوط ٣ : ٥٩. (٥) الغنية : ٢٧٨.
(٦) القواعد ٢ : ٢٢٧ ـ ٢٢٨.
(٧) كما في المهذّب البارع ٤ : ٢٥١ ، والمقتصر : ٣٤٢.
(٨) كما في المسالك ٢ : ٢٠٨ ، الكفاية : ٢٥٧ ، الرياض ١٤ : ٢٣.
(٩) المكاسب ٣ : ٢١٠.
(١٠) الرياض ١٤ : ٢٣ والمسالك ٢ : ٢٠٨.