من النقدين قيميّاً قال : «إذ لو انفصلت نقصت قيمتها» (١) قال شيخنا قدسسره بعد نقل هذه الكلمات : «قلت : وهذا يوجب أن لا يكون الدرهم الواحد مثليّاً ، إذ لو انكسر نصفين نقص قيمة نصفه عن قيمة المجموع إلّا أن يقال : إنّ الدرهم مثليّ بالنسبة إلى نوعه ، وهو الصحيح ولذا لا يعدّ الجريش مثلاً للحنطة ، ولا الدقاقة مثلاً للُارز ، ومن هنا يظهر أنّ كلّ نوع من أنواع الجنس الواحد ، بل كلّ صنف من أصناف نوع واحد مثلي بالنسبة إلى أفراد ذلك النوع أو الصنف.
فلا يرد ما قيل (٢) : من أنّه [إن] اريد التساوي بالكلّيّة ، فالظاهر عدم صدقه على شيء من المعرّف إذ ما من مثلي إلّا وأجزاؤه مختلفة في القيمة كالحنطة ، فإنّ قفيزاً من حنطة تساوي عشرة ومن اخرى تساوي عشرين. وإن اريد في الجملة فهو في القيمي موجود كالثوب والأرض (٣) انتهى. قال : وقد لوّح هذا المورد في آخر كلامه إلى دفع إيراده بما ذكرنا ، من أنّ كون الحنطة مثليّة معناه أنّ كلّ صنف منه متماثل الأجزاء ومتساوية القيمة ، لا بمعنى أنّ جميع أبعاض هذا النوع متساوية في القيمة فإذا كان المضمون بعضاً من صنف فالواجب دفع مساويه من هذا الصنف ، لا القيمة ولا بعض من صنف آخر.
لكنّ الإنصاف أنّ هذا خلاف ظاهر كلماتهم ، فإنّهم يطلقون المثلي على جنس الحنطة والشعير ونحوهما ، مع عدم صدق التعريف عليه. وإطلاق المثلي على الجنس باعتبار مثليّة أنواعه أو أصنافه وإن لم يكن بعيداً ، إلّا أنّ انطباق التعريف على الجنس بهذا الاعتبار بعيد جدّاً ، إلّا أن يُهملوا خصوصيّات الأصناف الموجبة لزيادة القيمة ونقصانها كما التزمه بعضهم ، غاية الأمر وجوب رعاية الخصوصيّات عند أداء المثل عوضاً عن التالف أو القرض ، وهذا أبعد.
هذا مضافاً إلى أنّه يشكل اطّراد التعريف بناءً على هذا ، بأنّه [إن] اريد تساوي الأجزاء من صنف واحد من حيث القيمة تساوياً حقيقيّاً ، فقلّما يتّفق ذلك في الصنف الواحد من النوع ، لأنّ أشخاص ذلك الصنف لا يكاد يتساوى في القيمة لتفاوتها
__________________
(١) المسالك ٢ : ٢٠٩.
(٢) مجمع الفائدة ١٠ : ٥٢٥ ـ ٥٢٦.
(٣) المكاسب ٣ : ٢١٠ ـ ٢١١.