الشتاء. وعلى هذا كلّه فللمالك مطالبة مثل ماله في كلّ مكان يكون ولو في غير مكان التلف ، لعموم «الناس مسلّطون» من غير فرق في صورة اختلاف المكانين بين كون قيمته في مكان المطالبة أزيد من قيمته في مكان التلف أو لا ، كما حكي عن ظاهر السرائر (١) والتذكرة (٢) والإيضاح (٣) والدروس (٤) وجامع المقاصد (٥) وعن السرائر «أنّه الّذي يقتضيه عدل الإسلام والأدلّة واصول المذهب.
وعلى هذا فما عن القواعد من «أنّه لو لم يوجد المثل إلّا بأكثر من ثمن المثل ففي وجوب الشراء تردّد» (٦) لا وجه له ، بل الوجه هو وجوب الشراء وإن صار قيمته أضعاف قيمة التالف يوم تلفه ، سواء كان صيرورته كذلك لارتفاع قيمته السوقيّة أو لعدم وجوده إلّا عند من يبيعه بأكثر من ثمن المثل ولو لعناد أو غرض آخر له ، وعن الخلاف نفي الخلاف ، وإطلاقه يشمل الصورتين قائلاً : «إذا غصب ماله مثل كالحبوب والادهان فعليه مثل ما تلف في يده يشتريه بأيّ ثمن كان بلا خلاف» (٧) ويدلّ عليه إطلاق النصّ والفتوى ، ويؤيّده فحوى حكمهم بأنّ تنزّل قيمة المثل حين الدفع عن يوم التلف لا يوجب الانتقال إلى القيمة. وتوهّم : الفرق بين الصورتين بدعوى إمكان التردّد في الصورة الثانية تعليلاً بأنّ بذل ما يزيد مالك المثل بإزائه يعدّ ضرراً في العرف ، تحكّم.
المسألة السابعة : لو تعذّر المثل في المثلي فله صور :
الاولى : أن يتواطأ المالك والضامن على القيمة فلا إشكال فيه ، لعموم «الناس مسلّطون على أموالهم» المقتضي لسلطنة المالك على إبدال ماله في ذمّة الضامن بقيمته ، وإذا دفعها الضامن برئت ذمّته.
الثانية : أن يتواطآ على الصبر والانتظار إلى أن يوجد المثل وإن طال مدّة الصبر ، فإذا وجد وجب دفعه. ولا إشكال فيه ، لأجل العموم المذكور ، وأصالة براءة الضامن عن القيمة.
الثالثة : أن يطالب المالك قيمة المثل المتعذّر في العاجل والضامن لا يرضى بها آمراً له بالصبر إلى أن يوجد المثل تعليلاً بأنّ حقّك فيه لا في القيمة ، فقد يقال : بأنّ مقتضى القاعدة مع مطابقة المالك وجوب دفع القيمة ، لأنّ منع المالك ظلم وإلزام
__________________
(١) السرائر ٢ : ٤٨٠.
(٢) التذكرة ٢ : ٣٨٣. (٣) الإيضاح ٢ : ١٧٨.
(٤) الدروس ٣ : ١١٣. (٥) جامع المقاصد ٦ : ٢٦٠.
(٦) القواعد ٢ : ٢٢٧ ـ ٢٢٨. (٧) الخلاف ٣ : ٤١٥ المسألة ٢٩.