فيها. وأمّا عدم الدليل على سقوط حقّ المالك عن المثل فحقّ لا سترة عليه.
ثمّ بعد ما وجبت القيمة إمّا للتواطؤ أو على القول بوجوبها مع مطالبة المالك مطلقاً ، فهل المعتبر فيها قيمة يوم الدفع ، أو قيمة يوم التعذّر ، أو قيمة يوم المطالبة ، أو قيمة يوم تلف العين؟ احتمالات ، وربّما يذكر فيه احتمالات اخر سيأتي بيانها ، إلّا أنّ المشهور كما حكي (١) المنسوب إلى الأكثر وهو الأقوى كون العبرة فيها بقيمة يوم الدفع ، كما نسب التصريح به إلى المحقّق (٢) وهو ظاهر المحكيّ عن التذكرة (٣) والإيضاح (٤) وهو أنّ المثل لا يسقط بالإعواز ، ألا ترى أنّ المغصوب منه لو صبر إلى زمان وجدان المثل ملك المطالبة به وإنّما المصير إلى القيمة وقت تغريمها (٥) انتهى. وعلّل الحكم بأنّ المثل ثابت في الذمّة إلى ذلك الزمان ولا دليل على سقوطه بتعذّره كما لا يسقط الدين بتعذّر أدائه ، وهو المستفاد أيضاً من عبارتي التذكرة والإيضاح لمكان قولهما «لو صبر إلى زمان وجدان المثل ملك المطالبة به» وفيه نوع قصور. والأولى أن يقال : إنّ انتقال المثل المضمون به المفروض تعذّره إلى القيمة إنّما هو بإبداله بالقيمة ، وهو إنّما يتحقّق في زمان الدفع الّذي هو وقت إقباض القيمة.
وعن جماعة كالحلّي في البيع الفاسد (٦) والعلّامة في التحرير في باب القرض (٧) والمسالك (٨) اعتبار قيمة يوم التعذّر ، وعلّلوه بأنّه وقت الانتقال إلى القيمة.
وفيه من المصادرة على المطلوب ما لا يخفى ، مع توجّه المنع إلى دعوى كونه وقت الانتقال إلى القيمة ، فإنّ الانتقال إليها مبنيّ على الإبدال وهو يتحقّق في وقت الدفع ، كما في انتقال الزكاة المتعلّقة بالعين إلى ذمّة المالك بتقبّلها بقيمتها الّذي يوجب الانتقال إلى القيمة في الذمّة وقت التقبّل ، فيكون العبرة فيها بقيمة ذلك الوقت.
وممّا بيّنّاه ينقدح ضعف احتمال كون العبرة بقيمة يوم المطالبة ، إذ الانتقال إلى القيمة إذا كان منوطاً بالإبدال فهو لا يتحقّق بمجرّد مطالبة المالك ، غاية الأمر أنّه
__________________
(١) حكاه السيّد المجاهد في المناهل : ٨.
(٢) القواعد ٢ : ٢٢٦.
(٣) التذكرة ٢ : ٣٨٣.
(٤) الإيضاح ٢ : ١٧٥.
(٥) الإيضاح ٢ : ١٧٥.
(٦) السرائر ٢ : ٢٨٥.
(٧) تحرير الأحكام ١ : ٢٠٠.
(٨) المسالك ٣ : ١٧٤.