قيمة العين التالفة لا قيمة المثل المتعذّر ، بل غايته أنّه حكم جزئي يلتزم به في بعض الفروض النادرة بدليله من باب تخصيص القاعدة المذكورة حسبما أشرنا إليه.
ولكن العلّامة في القواعد قال في باب الغصب : «ولو تلف المثلي في يد الغاصب والمثل موجود فلم يغرّمه حتّى فقد ففي القيمة المعتبرة احتمالات :
الأوّل : أقصى قيمته من يوم الغصب إلى التلف ، ولا اعتبار بزيادة قيمة الأمثال.
الثاني : أقصى قيمته من وقت تلف المغصوب إلى الإعواز.
الثالث : أقصى القيم من وقت الغصب إلى الإعواز.
الرابع : أقصى القيم من وقت الغصب إلى وقت دفع القيمة.
الخامس : القيمة يوم الإعواز».
وقال المحقّق الثاني في ترجيح الاحتمال الخامس : «هذا هو الأصحّ ، لأنّ الواجب هو المثل ، فإذا دفع بدله اعتبرت البدليّة حين الدفع فحينئذٍ يعتبر القيمة» (١) انتهى.
والعلّامة هاهنا لم يرجّح شيئاً إلّا أنّه قبل أن يذكر عنوان هذه الاحتمالات بأسطر متضمّنة لذكر فروع قال : «وغير الحيوان يجب ضمانه بالمثل إن كان مثليّاً ، وهو ما تتساوى قيمة أجزائه ، فإن تعذّر فالقيمة يوم الإقباض لا الإعواز» (٢) وعلّله المحقّق المذكور في شرحه بما يوافق ما ذكره في وجه ترجيح الاحتمال الخامس بقوله : «وذلك لأنّ الواجب في الذمّة هو المثل فعند إرادة التسليم ينتقل إلى القيمة لو تعذّر المثل ، فلو وجبت القيمة وقت الإعواز لكان إذا تمكّن من المثل بعد الإعواز ولم يسلّم العوض لا يجزئ تسليم المثل ، لاستقرار القيمة في الذمّة والأصل بقاؤها والتالي بطلانها» (٣) انتهى.
والظاهر أنّه فرض التعذّر هاهنا أيضاً بعد وجوده حال تلف العين ، فالموضعان سيّان من حيث كون المفروض ما إذا طرأ تعذّر المثل بعد وجوده في بعض أزمنة التلف ، لا ما تعذّر المثل ابتداءً من حين التلف.
ثمّ إنّ الظاهر أنّ ضمير «قيمته» في الاحتمال الأوّل يعود إلى المثل كما فهمه المحقّق المذكور ، لا إلى «المغصوب» لشهادة وحدة سياق الاحتمالات الخمس من حيث إنّ
__________________
(١) جامع المقاصد ٦ : ٢٥٥.
(٢) القواعد ٢ : ٢٢٦.
(٣) جامع المقاصد ٦ : ٢٤٥.