وفيه : منع المقدّمتين ، أمّا المقدّمة الاولى فلأنّ المثل يجري مجرى المغصوب في الوجوب من حين تلف المغصوب لا من حين غصبه ، وأمّا المقدّمة الثانية فلمنع كون تعذّر المثل بمنزلة تلف العين إلّا أنّه كان تعذّره ابتداءً من حين تلف المغصوب ولا يرجى وجوده فيما بعد أصلاً ، فحينئذٍ ينقلب المثلي قيميّاً فيجب أعلى قيمه من يوم الغصب إلى يوم التلف ، لا إذا طرأ تعذّره بعد ما كان موجوداً حال تلف المغصوب ، ولذا لو تمكّن من المثل بعد ذلك كان للمالك مطالبته ويجب على الضامن تأديته ، فما دام لم يأخذ المالك القيمة فالمثل باقٍ في الذمّة ، وتعذّره لا يسقطه عن الذمّة ولو بحكم الاستصحاب وأصالة البقاء.
ووجه الاحتمال الثاني ما قرّره المحقّق المذكور من «أنّ انتقال الحكم إلى البدل الّذي هو المثل إنّما هو حين تلف المغصوب ، إذ مع وجوده يجب ردّه وبعد تعذّره انتقل الفرض إلى القيمة» (١) انتهى.
وفيه : أنّ انتقال الحكم إلى المثل حين تلف المغصوب وإن كان مسلّماً إلّا أنّه لا ينتج اعتبار أعلى القيم من ذلك الحين إلى التعذّر ، إلّا بانضمام مقدّمة اخرى إليه ، وهي كون تعذّر المثل بمنزلة تلفه ، وهذا التنزيل موضع منع لعدم الدليل عليه.
ووجه الاحتمال الثالث : ما ذكره أيضاً بقوله : «ووجهه يعلم من الوجهين في الاحتمالين الأوّلين ، فإنّ المثل لمّا جرى مجرى المغصوب كانت قيمته في جميع أزمان ضمان المغصوب مضمونة إلى زمان تعذّره» (٢) وملخّصه : أنّ المثل جارٍ مجرى المغصوب في وجوبه من حين الغصب وتعذّره بمنزلة تلفه.
وفيه : منع المقدّمتين ، وسند المنع ما عرفت من أنّ المثل إنّما يجب حين تلف المغصوب لا من حين غصبه ، وإنّ تعذّر المثل لا يوجب سقوطه عن الذمّة كما عرفت فهو مستصحب فيها إلى أن يحصل المسقط ، ومسقطه القيمة يوم الإسقاط ، وهو يوم الدفع لا يوم التعذّر.
ووجه الاحتمال الرابع : ما ذكره أيضاً من «أنّ قيمة المثل معتبرة من زمان وجوبه
__________________
(١) التذكرة ٢ : ٣٨٣.
(٢) جامع المقاصد ٦ : ٢٥٥.