و «تسلّطهم على أموالهم» (١) أعياناً خارجيّة كانت أم أعواضاً في الذمّة وجوب تحصيل المثل أينما كان ولو كان في تحصيله مئونة كثيرة ، ولذا يجب شراؤه على تقدير وجوده بأيّ ثمن يكون (٢). ويؤيّده أنّ العلماء إذا كانوا بين معبّر بالإعواز ومعبّر بالتعذّر كان المتيقّن الرجوع إلى الأخصّ وهو التعذّر لأنّه المجمع عليه.
وقد يستأنس لما عن التذكرة بما ورد في بعض أخبار السّلَم (٣) من أنّه إذا لم يقدر المسلم إليه على إيفاء المسلم فيه تخيّر المشتري ، إذ من المعلوم أنّ المراد بعدم القدرة ليس التعذّر العقلي المتوقّف على استحالة النقل من بلد آخر ، بل الظاهر منه عرفاً ما عن التذكرة (٤) وفيه نظر.
الثالث : أنّ المثل إذا كان معدوماً في صورة الإعواز ، فقيمته لدفعها إنّما تعرف بتقدير وجوده ، وقد يشكل الأمر فيما اختلف قيمته بحسب اختلاف حالاته على تقدير وجوده الدائرة بين العزّة والابتذال والمتوسّط بينهما ، كالعنب مثلاً في أوائل بلوغه وأواخر شيوعه والمتوسّط بينهما ، وله في كلّ حالة قيمة وأعلى قيمه قيمة حالة عزّته ، والظاهر أنّ العبرة بقيمة حالة عزّته تحصيلاً للمبرئ اليقيني ، فإنّ المثل على مفروض المسألة لا يسقط عن الذمّة إلّا بإسقاط ، ومسقطه المبرا لها دفع القيمة والمتيقّن منه إنّما هو قيمة حالة العزّة.
ولكن ينبغي أن يراعى العادة في كلّ من وجوده المقدّر وقيمته المفروضة ، بأن يقدّر وجوده في زمان يعتاد وجوده فيه ولو عزيزاً فلا يكفي الوجود الغير المعتاد كبعض الفواكه الّذي يقتنى إلى غير موسمه الّذي يعتاد وجوده فيه ، وأن يكون القيمة المفروضة له بحيث يعتاد بذلها في البيع والشرى لغرض عادي يرغب لأجله الراغبون في بيع هذا الجنس وشرائه ، فلا عبرة بتقدير وجوده عند من يستغني عن بيعه بحيث لا يرغب في بيعه إلّا بعوض لا يرغب في بذله الراغبون في هذا الجنس بمقتضى رغبتهم إلّا لغرض غير عادي الجأهم إلى بذل هذا العوض ، مثل مداواة مريض مشرف
__________________
(١) عوالي اللآلئ : ٢٢٢ / ٩٩.
(٢) المكاسب ٣ : ٢٣٥ ـ ٢٣٦.
(٣) الوسائل ١٨ : ٣٠٥ / ٧ ، ب ١ أبواب السلف ، التهذيب ٧ : ٢٩ / ١٢٤.
(٤) التذكرة ٢ : ٣٨٣.