على الهلاك أو إهدائه إلى سلطان ونحوه ، بل لو وجد هذا الفرد من المثل لم يقدح في صدق التعذّر الموجب لانتقال الحكم إلى القيمة ، ومن هنا ما قيل : «من أنّ كلّ موجود لا يقدح وجوده في صدق التعذّر لا عبرة بتقدير وجوده عند عدمه» (١).
الرابع : قد تقدّم أنّ المثل في صورة وجوده وتمكّن الضامن من أدائه فللمالك مطالبة الضامن به في أيّ مكان ظفر عليه ولو في بلد آخر غير بلد الضمان الّذي هو بلد التلف ، حتّى أنّه لو توقّف ردّه على شرائه وجب الشراء ولو بأزيد من ثمن المثل ، وكذلك كان له المطالبة بالقيمة في صورة إعوازه بل تعذّره في أيّ مكان يكون ولو غير بلد الضمان والتلف ، إلّا أنّ هذا الحكم على تقدير مساواة قيمتي بلد التلف وبلد المطالبة ممّا لا إشكال فيه. نعم يشكل الأمر فيما لو كان أحدهما مخالفاً للآخر في القيمة فهل يتعيّن قيمة بلد التلف ، أو قيمة بلد المطالبة ، أو أعلى القيمتين؟ وجوه. أشار إليها بعض مشايخنا من غير ترجيح ، ويمكن ترجيح الأخير تحصيلاً للمبرئ اليقيني حسبما بيّنّاه في الفرع الثالث.
ثمّ إنّه حكى شيخنا قدسسره عن مبسوط الشيخ تفصيلاً لا يكاد ينطبق على ما نحن فيه قال ـ عقيب ذكر الوجوه ـ : «وفصّل الشيخ في المبسوط (٢) في باب الغصب بأنّه إن لم يكن في نقله مئونة كالنقدين فله المطالبة بالمثل سواء كانت القيمتان مختلفتين أم لا ، وإن كان في نقله مئونة فإن كانت القيمتان متساويتين كان له المطالبة أيضاً ، لأنّه لا ضرر عليه في ذلك ، وإلّا فالحكم أن يأخذ قيمة بلد التلف أو يصبر حتّى يوفّيه بذلك البلد» (٣) انتهى.
وفيه لأنّ ظاهر كلام الشيخ أنّه ذكر ذلك التفصيل لصورة وجود العين المغصوبة وبقائها في بلد الغصب والمالك ظفر على الغاصب في بلد آخر سواء كانت مثليّة أو قيميّة بدليل ضمان الحيلولة الّذي ذكره في آخر كلامه وغيره من القرائن الاخر الّتي يجدها المتأمّل في كلامه ، فإنّه قال : «إذا غصب منه مالاً مثلاً بمصر فلقيه بمكّة فطالبه به لم يخل من أحد أمرين : إمّا أن يكون لنقله مئونة ، أو لا مئونة لنقله ، فإن لم يكن لنقله
__________________
(١) المكاسب ٣ : ٢٣٧.
(٢) المبسوط ٣ : ٧٦.
(٣) المكاسب ٣ : ٢٣٧ ـ ٢٣٨.