بالمعنى المذكور ، خصوصاً في الكرباسات وغيرها ممّا يتّخذ منها الأثواب ، خصوصاً ما كان المغصوب من الكرباس ذراع من ثوب ومثله من ذلك الثوب باقٍ موجود ، فالمدار في كلّ من المثلي والقيمي على غلبة وجود المماثل وعدم وجوده ، وقد عرفت حكم المورد النادر من المثلي من انتقال الحكم فيه من المثل إلى القيمة.
وأمّا المورد النادر من القيمي ففي انتقال الحكم فيه من القيمة إلى المثل إشكال : من عدم الدليل عليه ، والأصل يقتضي عدمه.
ويخدشه أنّ الأصل المذكور إنّما يتّجه لو كان المضمون به من أوّل الأمر في القيمي الّذي وجد له مثل هو القيمة ثمّ ادّعي انتقال الضمان من القيمة إلى المثل ، وليس كذلك ، لمكان الشكّ في شمول دليل كون ضمان القيمي بالقيمة لمثل هذا الفرض لكمال ندرته. والعمدة من دليله الإجماع المنقول والقدر المتيقّن من معقده ما لا يوجد له مثل ، والأخبار متفرّقة كلّ منها مخصوص بمورد خاصّ ، فليس فيها عموم أو إطلاق يتمسّك بهما على عموم الحكم لما وجد له نادراً مثل ، فلا مجرى للأصل المذكور. ولمّا كانت المسألة من دوران المكلّف به بين المتباينين فلا يجري فيه أصل الاشتغال أيضاً ، وأصل البراءة أيضاً أولى بعدم الجريان لعدم كون الشكّ ابتداءً في التكليف ولا أنّه يؤول إليه.
نعم يمكن إجراء الأصل المتقدّم في اشتباه المثلي والقيمي هنا ، ويؤيّده آية «فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى» (١) ونفي الضرر (٢) لما قيل من أنّ خصوصيّات الحقائق قد تقصد إلّا أن يحقّق إجماع على خلافه ، ويؤيّده إطلاق الفتاوي في الضمان بالقيمة المتناول لصورة تيسّر المثل. وبالجملة فالمسألة قويّة الإشكال.
وكيف كان فقد اختلفوا في تعيين القيمة المضمون بها في القيميّات على أقوال ، فعن الشيخين (٣) وأتباعهما (٤) اعتبار قيمة يوم التلف ، وعن الشهيدين في الدروس (٥) والروضة (٦) نسبته إلى الأكثر.
__________________
(١) البقرة : ١٩٤.
(٢) الوسائل ٢٥ : ٤٢٩ / ٥ ، ب ١٢ أبواب إحياء الموات ، الكافي ٥ : ٢٩٤ / ٨.
(٣) المبسوط ٣ : ٧٢ ، الخلاف ٣ : ٤٠٣ المسألة ١٤ ، المقنعة : ٦٠٧.
(٤) المهذّب : ١ : ٤٤٣ ، الوسيلة : ٢٧٦ ، السرائر ٢ : ٣٢٥.
(٥) الدروس ٣ : ١١٣.
(٦) الروضة ٧ : ٤١.