وعن جماعة منهم العلّامة في التحرير الاستدلال عليه «بأنّ الانتقال إلى البدل إنّما هو يوم التلف إذ الواجب قبله ردّ العين» (١).
واورد عليه «بأنّ يوم التلف يوم الانتقال إلى القيمة ، أمّا كون المنتقل إليها قيمة يوم التلف فلا» (٢).
ويندفع : بأنّ القيمة المنتقل إليها ليست أمراً موهوماً واعتباريّاً صرفاً ، بل هو أمر مقدّر مع العين التالفة يعرفه أهل المعاملة ، فالمراد بها قيمتها المقدّرة حين التلف الّتي يعرفها أهل المعاملة ولا تكون إلّا قيمة يوم التلف. وقد يقرّر الدفع بأنّ ضمان العين معناه كونها في عهدته حتّى يردّها ، وإذا تلفت وجب تداركها ببدلها ، والمراد بالبدل ما يعادلها ويساويها في الماليّة حال التلف ولا يكون إلّا قيمة يوم التلف ، وعلى هذا فالأصل في كلّ قيمي أن يكون ضمانه عند تلفه بقيمة يوم التلف إلّا ما خرج منه بالدليل ، فلا ينافيه كون ضمان المغصوب بقيمته يوم الغصب في قول ، أو أعلى قيمة من يوم الغصب إلى يوم التلف لأنّه مخرج من الأصل بالدليل. نعم إن تمّ ما عن الحلّي من دعوى «الاتّفاق على كون المبيع بالبيع الفاسد بمنزلة المغصوب إلّا في ارتفاع الإثم» (٣) كان كالمغصوب مخرجاً عن الأصل ، للحوقه به في الحكم على القولين فيه. وعلى هذا فالأقوال في تعيين قيمة المبيع بالبيع الفاسد ثلاثة ، أحدها ما عرفت ، والآخران كالقولين في المغصوب ، ولمّا كان مدرك الحكم في المغصوب صحيحة أبي ولّاد جرى الحكم المستفاد منها في المبيع أيضاً ، إمّا لاتّفاق الحلّي إن تمّ لأنّه اتّفاق على عدم الفصل بينه وبين المغصوب إلّا في ارتفاع الإثم ، أو لما قيل من أنّ الصحيحة تكشف عن أنّ الضمان في القيميّات التالفة بقيمة يوم القبض سواء كان قبضاً عدوانيّاً كالغصب أو لا كما في المبيع بالبيع الفاسد.
وينبغي ذكر الصحيحة بتمام فقراتها ، وهي ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي ولّاد قال : «اكتريت بغلاً إلى قصر بني هبيرة ذاهباً وجائياً بكذا وكذا ، وخرجت في طلب غريم لي ، فلمّا صرت قرب قنطرة الكوفة خبّرت أنّ صاحبي توجّه إلى النيل ، فتوجّهت
__________________
(١) التحرير ٢ : ١٣٩.
(٢) المناهل : ٢٩٨.
(٣) السرائر ٢ : ٣٢٦.