وقد يوجّه الاستدلال المدّعى فيه كون العين مضمونة في جميع الأزمنة بأنّ العين إذا ارتفعت قيمتها في زمان وصار ماليّتها مقوّمة بتلك القيمة ، فكما أنّه إذا تلفت حينئذٍ يجب تداركها بتلك القيمة ، فكذا إذا حيل بينها وبين المالك حتّى تلفت ، إذ لا فرق مع عدم التمكّن منها بين أن تتلف أو تبقى. نعم لو ردّت تدارك تلك الماليّة بنفس العين ، وارتفاع القيمة السوقيّة أمر اعتباري لا يضمن بنفسه ، لعدم كونه مالاً وإنّما هو مقوّم لماليّة المال وبه تمايز الأموال قلّة وكثرة.
وفيه : أنّ المعتبر في ضمان الحيلولة عدم تمكّن الغاصب من ردّ العين مع وجودها لا عدم تمكّن المالك من التصرّف ، على أنّه لو كان بناء الضمان بالقيمة على الحيلولة وجب ضمان قيمة يوم الغصب لحصول الحيلولة من حينه ، فتأمّل.
وأضعف من الاستدلال المذكور على هذا القول الاستدلال بأصالة الاشتغال لاشتغال ذمّته بحقّ المالك ولا يحصل البراءة منه إلّا بالأعلى ، كما عن السرائر (١) وغيره (٢). ووجه الضعف أنّ المقام ممّا يجري فيه أصل البراءة لرجوع الشكّ إلى التكليف بالزائد ، ومعه لا حكم لأصالة الاشتغال.
فروع :
الأوّل : لو زادت قيمة العين بعد تلفها في بعض أزمنة ما بعد التلف فلا عبرة بها على الأقوال ، خصوصاً لو كان ذلك بعد دفع القيمة المضمونة ، كقيمة يوم التلف على المختار ، وقيمة يوم الغصب أو أعلى القيم على القولين الآخرين لسقوطها عن الذمّة بالدفع ، أو توجّه الخطاب بالقيمة المضمونة إن كان حصول الزيادة قبل الدفع ، فالخطاب بالقيمة الزائدة تحتاج إلى دليل وهو مفقود فالأصل عدمه ، وعن الشرائع (٣) هنا التردّد ، ووجهه غير واضح ، وما يوجّه (٤) له من «أنّه لعلّه من جهة احتمال كون القيمي مضموناً بمثله ودفع القيمة إنّما هو لإسقاط المثل» ولا خفاء في ضعفه ، إذ لو اريد بضمان القيمي بمثله ما قد يتّفق في بعض الفروض النادرة من وجود مثل للعين التالفة ، ففيه أنّ الضمان
__________________
(١) السرائر ٢ : ٤٨١.
(٢) كما في الرياض ١٤ : ٣١ ، المناهل : ٢٩٩.
(٣) الشرائع ٣ : ٢٤٠.
(٤) قاله الشهيد في الروضة ٧ : ٤٠.