بالمثل حينئذٍ حسن ، ولكن بناء المسألة في هذا الفرع ليس على هذا الفرض النادر ، ومع هذا فالترديد لا معنى له لتعيّن المثل حينئذٍ نظراً إلى الأصل الّذي قدّمناه سابقاً ، ولو اريد كونه كذلك مطلقاً فهو خلاف ما تقدّم من الأدلّة على كون ضمان القيمي بقيمته.
الثاني : أنّ الخلاف المتقدّم بحسب الأقوال الثلاثة إنّما هو فيما لو كان اختلاف القيم بحسب الأزمنة ، وأمّا إذا كان بحسب الأمكنة كما إذا كان في محلّ الضمان بعشرة وفي مكان التلف بعشرين وفي مكان المطالبة بثلاثين ، فالظاهر كما قيل (١) اعتبار قيمة مكان التلف كزمانه لأنّ ماليّة الشيء تختلف بحسب الأماكن ، ودفع القيمة تدارك لماليّته فتعتبر بحسب قيمة مكان التلف ، كما يعلم ذلك بملاحظة المعاملة بالبيع والشراء وغيرهما ، فلو طالب البائع قيمة بلد آخر في ثمن عينه في البيع كان مستنكراً عند أهل العرف.
الثالث : أنّ ما تقدّم من الخلاف والأقوال الثلاث إنّما هو فيما إذا ارتفعت القيمة السوقيّة المختلفة بسبب تفاوت رغبات الناس ، وأمّا إذا كان حاصلاً من زيادة في العين فقيل (٢) : إنّ الظاهر عدم الخلاف في ضمان أعلى القيم ، وهو الوجه ، لا لأنّ قيم العين التالفة مختلفة بل لأنّ زيادة القيمة في بعض أزمنة الضمان لأجل الزيادة العينيّة الحاصلة فيها الّتي هي بمنزلة الجزء لها بل جزء في الحقيقة ، والعين تضمن بجميع أجزائها ، فإذا تلفت الزيادة تضمن بقيمتها ، كما أنّه إذا تلفت العين تضمن بقيمتها ، ومجموع القيمتين هو قيمة المجموع. ومن هنا يعلم أنّ التعبير عنه بأعلى القيم مسامحة.
وفي كون العبرة في قيمة الزيادة بقيمة يوم تلفها ، أو بقيمة يوم ضمانها ، أو بأعلى القيم من يوم ضمانها إلى يوم التلف ، وجوه ، يمكن بناؤها على الخلاف المتقدّم في تلف نفس العين ، فعلى المختار ثمّة يتّجه اعتبار يوم التلف هنا أيضاً.
الرابع : في حكم تلف العين في القيمي بل المثلي أيضاً من حيث ضمانها بالقيمة أو المثل تعذّر الوصول إليها وإن لم تهلك ـ كما إذا سرق أو غرق أو ضاع أو أبق أو أخذه متسلّط غصباً بحيث لا يتمكّن من استنقاذه عنه من سلطان ونحوه ـ للأدلّة المقرّرة في أبواب الأمانات المضمونة وغيرها الدالّة على الضمان بهذه الأشياء. وهل يعتبر في
__________________
(١) المكاسب ٣ : ٢٥٦.
(٢) كما في المسالك ٢ : ٢٠٩ ، والروضة ٧ : ٤٤.