وأكل الأموال المحرّمة مع احتراز الصلحاء المتّقين المتورّعين العارفين للمسائل وكذلك أهل العلم والفقهاء عن المعاملة مع الأطفال ، حتّى أنّ العلماء والوعّاظ وناشري المسائل ينكرون على المتعاملين معهم ويمنعونهم من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منابرهم ومجالسهم ومحافلهم ويذكرون المنع في رسائلهم العمليّة لعمل العوامّ.
ومنها : صحّة وصيّته وعتقه وتدبيره وطلاقه إذا بلغ عشراً ، فإذا صحّ منه هذه الامور صحّ سائر العقود إمّا لعدم القول بالفصل أو لوحدة المناط ، فإنّ الأسباب الشرعيّة من باب واحد وإذا صحّ البعض صحّ البعض الآخر.
وفيه : منع عدم القول بالفصل ، فإنّ الصحّة في الامور المذكورة ليست بإجماعيّة والقائل بها مفصّل والمناط غير معلوم ، وما ذكر في توجيهه لا يرجع إلى محصّل إلّا دعوى المساواة ، فالتعدّي من حكم أحد المتساويين إلى آخر قياس. هذا كلّه في عدم صحّة عقود الصبيّ ومعاملاته وتصرّفاته على وجه الإجمال. وأمّا تفاصيل هذا الإجمال الّتي وقع في أكثرها الخلاف ففيها مسائل :
المسألة الاولى : في أنّ الوليّ إذا أذن الصبيّ في إيقاع العقد فهل يقع صحيحاً على معنى كون إذن الوليّ مصحّحة للعقد الصادر منه أو لا؟ فيه خلاف إلّا أنّ المشهور على ما حكي عدم الصحّة واختاره العلّامة في التذكرة (١) ونقله عن الشافعي (٢) وأحمد في إحدى الروايتين. خلافاً لأبي حنيفة وأحمد في الرواية الاخرى فصحّحاه مع إذن الوليّ (٣) وعزي اختياره إلى ولد العلّامة (٤) منّا ، وإلى الشيخ النجفي في شرحه للقواعد على ما يظهر من عبارته القائلة بعد المنع عن صحّة عقده أصالة ووكالة بأنّه «نعم ثبت الإباحة في معاملة المتميّزين إذا جلسوا مقام أوليائهم أو تظاهروا على رءوس الأشهاد حتّى يظنّ أنّ ذلك من إذن الأولياء خصوصاً في المحقّرات. ثمّ قال : ولو قيل بتملّك الآخذ منهم لدلالة مأذونيّته في جميع التصرّفات فيكون موجباً قابلاً لم يكن بعيداً» (٥) انتهى.
__________________
(١) التذكرة ١٠ : ١١.
(٢) المجموع ٩ : ١٥٥ ـ ١٥٨ ، الوسيط ٣ : ١٢.
(٣) بدائع الصنائع ٥ : ١٣٥ ، الوسيط ٣ : ١٢.
(٤) الإيضاح ٢ : ٥٥.
(٥) شرح القواعد ٢ : ٤١ في هامش الرقم ١ قال الشارح في كشف الغطاء ١ : ٢٥٥ ـ ٢٥٦.