ولا دليل عليه ، مضافاً إلى أنّه ممّا لا يرجع إلى محصّل ولا يفيد أثراً ، لما عرفت من أدلّة بطلان عقد المكره كون الاختيار بالمعنى المرادف للرضا وطيب النفس شرط مستقلّ لصحّة العقد فانتفاؤه كافٍ في البطلان فيلغو اعتبار العجز عن التورية ، فالقدرة عليها لا تنافي الإكراه موضوعاً وحكماً ، ولا ينافيه ما اشتهر بين الأصحاب من وجوب التورية في الإكراه على الإتيان بكلام خبري غير مطابق حذراً عن الكذب المقتضي لاعتبار العجز عنها ، لأنّ المقصود بذلك إحراز الاضطرار إلى الكذب المسوّغ له الرافع لحرمته ، وهو مع القدرة على التورية من دون مراعاتها غير متحقّق ، فيكون في إتيانه بالخبر الغير المطابق قد فعل محرّماً فيكون آثماً. وهذا ممّا لا مدخل له في الإكراه المعتبر في رفع الآثار الوضعيّة المترتّبة على صيغ العقود والإيقاعات ، لكفاية انتفاء طيب النفس والرضا النفساني في ذلك.
وبهذا يعلم الحال في الكلام الخبري الصادر عن الإمام على وجه التقيّة كما لو قال : «غسل الرجلين في الوضوء واجب» فإنّ مصلحة التقيّة في نحوه تتأدّى تارةً بإرادة الظاهر من باب بيان خلاف الواقع ، واخرى بإرادة خلاف الظاهر من باب التورية كأن يريد من الغسل معنى المسح مجازاً من غير قرينة ، وهل يجوز له الأمران ، أو يتعيّن عليه الثاني ومرجعه إلى وجوب التورية عليه عليهالسلام في الكلام الصادر عنه على وجه التقيّة أو لا؟ وقيل بالأوّل إذ لا اضطرار إلى الكذب مع إمكان التورية فيه فيكون مع عدم التورية قد فعل محرّماً وهو لا يناسب عصمته. والوجه عندنا على ما حقّقناه في الاصول هو التفصيل بين كون مصلحة التقيّة ملحوظة في حقّ الإمام فوجب عليه التورية حذراً عن الكذب المنافي لعصمته ، أو في حقّ السائل باعتبار اختلاطه مع المخالفين فوجب إرادة الظاهر ليعرف السائل حكمه المبنيّ على التقيّة ، وهو وجوب غسل الرجلين عليه في الوضوء ما دامت التقيّة قائمة في حقّه فليتدبّر.
ثمّ إنّ في المقام فروعاً تذكر في طيّ مسائل :
المسألة الاولى : قد ذكرنا سابقاً أنّ الإكراه الرافع لأثر العقد كما يتحقّق لشخص على فعل واحد كذلك يتحقّق لشخص على أحد الفعلين تخييراً كأن يقول : «بع دارك أو طلّق زوجتك وإلّا قتلتك» فباع داره فيقال عرفاً إنّه مكره على بيع داره لأنّه أحد