البدلين المكره على أحدهما ، وقد يتحقّق أيضاً لأحد الشخصين على فعل واحد كفاية كأن يقول : «ليبع أحدكما داره وإلّا لأقتلنّكما» فباع أحدهما فإنّه مكره على بيع داره عرفاً.
المسألة الثانية : أنّ الإكراه قد يتحقّق للمالك العاقد ، وقد يتحقّق للمالك دون العاقد ، وقد يتحقّق للعاقد دون المالك.
أمّا الصورة الاولى : فقد تقدّمت أمثلتها الّتي منها أن يقول للمالك : «بع دارك وإلّا قتلتك» فباع مكرهاً ، ولا إشكال في كونه من عقد المكره.
وأمّا الصورة الثانية : فكأن يقول للمالك : «وكّل فلاناً لأن يبيع دارك وإلّا قتلتك» فوكّله مكرهاً فباع الفلان ، والوجه فيه كون البيع خارجاً عن عقد المكره إذ لا إكراه للعاقد على عقده بل للمالك على توكيله ، فعلى تقدير عدم تحقّق الوكالة بسبب الإكراه فالعقد المفروض داخل في عقد الفضولي ويلحقه حكمه. وليس من هذا الباب ما لو قال للمالك : «بع دارك وإلّا قتلتك» فقال المالك لغيره : «أنت وكيل في بيع داري» فباعها الوكيل ، إذ المالك ليس بمكره على التوكيل ، كما أنّ العاقد ليس بمكره على البيع ، فكلّ من عقد الوكالة وعقد البيع يقع صحيحاً لأنّ المالك مختار في توكيله لأصالة الاختيار والقصد ، وإذا صحّ عقد الوكالة ترتّب عليه صحّة عقد البيع لكونه من بيع الوكيل ، إلّا أن يقال : بأنّ قول المكره «بع دارك وإلّا قتلتك» إكراه على أحد الأمرين من المباشرة للبيع وتوكيل الغير فيه فيكون مكرهاً في توكيله كما أنّه على تقدير مباشرة البيع كان مكرهاً عليه ، وفيه منع واضح لعدم الانفهام العرفي.
وأمّا الصورة الثالثة : فلها فروض ثلاث :
الأوّل : أن يقول : «بع داري وإلّا قتلتك» فباعها مكرهاً ، ومثله ما لو قال : «طلّق زوجتي وإلّا قتلتك» فعن ثاني الشهيدين في المسالك احتمال عدم الصحّة نظراً إلى أنّ الإكراه أسقط حكم اللفظ كما لو أمر المجنون بالطلاق فطلّقها ، ثمّ ذكر الفرق بينهما «بأنّ عبارة المجنون مسلوبة ، بخلاف المكره فإنّ عبارته مسلوبة لعارض تخلّف القصد ، فإذا كان الآمر قاصداً لم يقدح إكراه المأمور» (١) انتهى. وهذا هو الوجه الصحيح لوقوع
__________________
(١) المسالك ٩ : ٢٢.