العقد من المكره مقروناً برضا المالك وطيب نفسه فكان صحيحاً ، بل هذا أولى بالصحّة من عقد المالك المكره عليه إذا رضى به لاحقاً.
الثاني : ما لو قال للوكيل في بيع الدار لا للموكّل : «بع دار فلان وإلّا قتلتك» فباع الوكيل مكرهاً فذكر في المسالك «فيه وجهين : من تحقّق الاختيار في الموكّل المالك ، ومن سلب عبارة المباشر» (١). أقول : الأوجه الصحّة ، لمقارنة العقد لرضا المالك وطيب نفسه ، ولا أثر معه لكراهة العاقد الوكيل.
الثالث : ما لو قال لأجنبيّ : «بع دار فلان وإلّا قتلتك» فباع مكرهاً. والوجه فيه كونه من عقد الفضولي فيلحقه حكمه ، والفرق بينهما بأنّ العاقد الفضولي قاصد للأثر ، وهذا غير قاصد لا يوجب فرقاً في الحكم بعد لحوق الإجازة.
المسألة الثالثة : لو أكرهه على بيع عبد معيّن من عبديه اسمه المبارك فباع البشير ، أو أكرهه على بيع الواحد المعيّن فباعه وغيره معاً ، أو أكرهه على بيع واحد غير معيّن منهما فباعهما ، أو أكرهه على بيعهما فباع أحدهما ، أو أكرهه على بيع الدار فباع نصفها ، فالصور أربعة أو خمسة ، فهل هو في الجميع من عقد المكره أو لا في البعض ، أو لا في شيء منها؟
وينبغي الإشارة إلى ضابط كلّي يعرف به حقيقة الحال فيها ، وهو أنّه قد ذكرنا سابقاً أنّ العقد إذا صدر عن الإنسان الكامل كان ظاهراً في قصد اللفظ وقصد المعنى مادّة وهيئة وقصد وقوع الأثر في الخارج ، والإكراه الحامل على إجرائه حيثما تحقّق قرينة مقام تزاحم ظهوره الأخير وتصرفه إلى خلافه بكشفها في نظر العرف عن كون الحامل له على إجرائه إنّما هو خوف الضرر المتوعّد وقصد دفعه لا غيره من الدواعي النفسانيّة ، وهذا هو معنى كشفها عن كراهة وقوع الأثر وعدم طيب النفس والرضا به ، ومن المعلوم ابتناء كشفه عن ذلك ودلالته عليه في نظر العرف بحيث ينهض قرينة صارفة للّفظ عن ظاهره على عدم اكتنافه بخصوصيّة اخرى باعتبار خصوص تزاحمه وتمنعه عن الدلالة على ما ذكر ، ومنشأ الإشكال في الصور المذكورة هو الإشكال في
__________________
(١) المسالك ٩ : ٢٣.