الخارج بيعهما معاً وليس بمكره عليه عرفاً ، فيرجع إلى أصالة الاختيار وظهور اللفظ في قصد وقوع الأثر.
ووجه الرابع : وهو بطلان الجميع أنّه وإن كان مكرهاً على بيع أحدهما إلّا أنّ بيعهما معاً لا ينافي صدق أنّه كان مكرهاً على بيع أحدهما ، ولكنّه غير معيّن ولا مرجّح ، فيحكم ببطلان الجميع لعدم إمكان الترجيح بلا مرجّح.
وفيه : نظر ، لإمكان الرجوع إليه في التعيين ، لأنّ انتفاء طيب نفسه عن بيع أحدهما لا يعلم إلّا من قبله فيقبل قوله وهو المرجّح. فالأقوى صحّته في أحدهما ويرجع إليه في التعيين. ولو ادّعى الكراهة فيهما معاً لم يقبل ، لعدم دلالة القرينة عليه فيبقى ظهور اللفظ سليماً. ولو امتنع عن التعيين يجبره الحاكم.
وأمّا الصورة الرابعة : فقال شيخنا «بأنّه إن باع النصف بعد الإكراه على الكلّ بقصد النصف الآخر امتثالاً للمكره ـ بناءً على شمول الإكراه لبيع المجموع دفعتين ـ فلا إشكال في وقوعه مكرهاً عليه ، وإن كان لرجاء أن يقنع المكره بالنصف كان أيضاً إكراهاً ، لكن في سماع دعوى البائع ذلك مع عدم الأمارات نظر» (١) انتهى.
لعلّ وجه النظر احتمال وقوع بيع النصف لداع آخر من الدواعي النفسانيّة الخارجة عن الإكراه. ويشكل بأنّ هذا الاحتمال مع تسليم شمول الإكراه لبيع المجموع دفعتين متدرّجتين ممّا لا يلتفت إليه ، لأنّ مبناه على ظهور أمر المكره من جهة إطلاق البيع في إرادة بيع المجموع كيفما اتّفق سواء كان دفعةً أو دفعتين ، وهذا الظهور كافٍ أمارة على صدق دعوى البائع ، فإنّ العدول عن البيع دفعة إليه (٢) دفعتين بمقتضى الظهور المذكور لا يكون إلّا لقصد بيع النصف الآخر فيما بعد ، أو لرجاء أن يقنع المكره بالنصف الأوّل ، والاحتمال الآخر خلاف الظاهر. ومثل هذين الوجهين بيعهما معاً دفعتين متعاقبتين من غير فصل بينهما.
المسألة الرابعة : قد ظهر من تضاعيف كلماتنا السابقة أنّ الإكراه الرافع للحكم التكليفي أخصّ من الإكراه الرافع للحكم الوضعي وهو الصحّة في المعاملات ، فإنّ
__________________
(١) المكاسب ٣ : ٣٢٤ ـ ٣٢٥.
(٢) كذا في الأصل ، والظاهر : إلى.