لا يخرجه عن صدق كونه مكرهاً على أحدهما وإن كان أحدهما حقّاً والآخر غير حقّ ، ولذا لو اختار أداء الدين أو إنفاق الزوجة يقال : إنّه أداء دَين أو إنفاق زوجة حصل لا عن طيب نفس ، ولزم منه أنّه لو اختار البيع كان واقعاً لا عن طيب نفسه.
وأمّا ما يقال : من أنّه لو اكره على بيع مال أو إيفاء مال مستحقّ لم يكن إكراهاً ، لأنّ القدر المشترك بين الحقّ وغيره إذا اكره عليه لم يقع باطلاً وإلّا لوقع الإيفاء أيضاً باطلاً ، فإذا اختار البيع صحّ لأنّ الخصوصيّة غير مكره عليها والمكره عليه وهو القدر المشترك غير مرتفع الأثر.
ففيه : أنّ إيفاء الدين لكونه أداءً لحقّ الغير لم يؤثّر الكراهة وانتفاء طيب النفس في بطلانه ، والمفروض عدم كونه من قبيل العقد ليكون الرضا وطيب النفس معتبراً في صحّته ، بخلاف البيع لو اختاره فإنّه عقد والكراهة رافعة لصحّته ، إلّا أن يلتزم فيه بعدم الكراهة ، وفيه منع واضح ، فكون أحد البدلين حقّاً لا يخرج القدر المشترك بينهما عن حدّ الإكراه ، فيكون الحامل له على فعل كلّ منهما الفرار عن الضرر المتوعّد به لا غير ، وهو آية الكراهة وانتفاء طيب النفس.
نعم لو أكرهه على غير حقّ مع التوعيد بحقّ ، كأن يقول : «بع دارك وإلّا أخذت منك دَيني أو ديتي» فهو خارج عن موضوع الإكراه رأساً ، لعدم كون ما توعّد به مضرّاً به ، فلا يكون حامله على البيع هو الفرار عن الضرر ، بل حبس حقّ الغير أو تأخير أدائه وهو من الدواعي النفسانيّة الخارجة عن الإكراه الموجبة لتحقّق الرضا وطيب النفس في اختيار البيع.
ويمكن أن يقال في الفرع السابق : إنّ الحامل له على اختيار البيع هو المجموع المركّب من الفرار عن الضرر المتوعّد به ومنع ذي الحقّ عن حقّه ، وهذا أمر ربّما يرفع الكراهة ويوجب طيب النفس في البيع ، وغاية ما هنالك الشكّ فيرجع إلى أصالة الاختيار وظهور اللفظ لسلامته عمّا يزاحمه من طرف القرينة لمزاحمة الخصوصيّة لها ، فالمتّجه حينئذٍ وقوع البيع صحيحاً.
المسألة الخامسة : في الإكراه بحقّ كما لو أكره الحاكم من عليه حقّ للغير على بيع مال أو ملك أو عقار له في إيفاء حقّ الغير من أداء دَين أو ردّ دية أو إنفاق زوجة أو