نحو ذلك من الأمثلة الّتي ذكرها في المسالك ، فالمصرّح به في كلام جماعة منهم ثاني الشهيدين وقوع البيع صحيحاً من حينه ، وظاهرهم بل هو صريح بعضهم عدم وقوفه على لحوق رضا المالك وإجازته. ووجّه بأنّ رضا المالك هنا ملغى ومرجعه إلى تخصيص أدلّة اشتراط الصحّة برضاه ، أو لأنّ رضا الحاكم قائم مقام رضاه ، كما أنّ رضا الوليّ في بيع مال الصبيّ ورضا الوكيل في بيع مال الموكّل قائم مقام رضا المولّى عليه والموكّل.
وقد يستشكل بأنّ صحّة البيع مع عدم رضا المالك مقارناً ولاحقاً ممّا لم نتحقّق معناه ، بل الوجه هنا تولّي الحاكم للبيع لا أمر المالك به لأنّه وليّ الممتنع ، فإنّ المالك لمّا امتنع من إيفاء حقّ الغير وهو متوقّف على بيع مال له فيتولّاه الحاكم.
وظنّي أنّ هذا الاستشكال ممّا لا يرجع إلى محصّل ، لأنّ رضا الحاكم إذا صلح أن يؤثّر في صحّة العقد الصادر منه مع عدم رضا المالك فيصلح أن يؤثّر في صحّة العقد الصادر من المالك مكرهاً عليه ، ودليل الملازمة عموم الولاية فإنّه على تقدير ثبوته يقتضي التسوية بين المقامين. والظاهر أنّ مراد الجماعة من الاستثناء بيان أنّ الإكراه بحقّ الصادر من الحاكم لا يؤثّر في عدم صحّة العقد المكره عليه ووقوفه على لحوق الرضا المتأخّر من المالك ، لا بيان أنّ الحاكم ليس له تولّي العقد ، نعم يتعيّن عليه التولّي إذا امتنع المالك من المباشرة مع الإكراه أيضاً.
المسألة السادسة : عن الفاضلين (١) والشهيدين (٢) وفخر الإسلام (٣) وغير [ه] أنّ المكره إذا رضي بما فعل نفذ ويترتّب عليه الأثر ، ونسب (٤) إلى المشهور بين المتأخّرين ، ونحوه ما في مفتاح الكرامة (٥) إلّا أنّه أطلق ، وفي الرياض (٦) كما عن الحدائق (٧) «ظاهرهم الاتّفاق عليه» ونقل دعوى [الإجماع] عن شرح القواعد (٨) أيضاً. خلافاً للمحقّق الأردبيلي في مجمع الفائدة قائلاً : «بأنّ الظاهر عدم صحّته بذلك» (٩) وعن
__________________
(١) كما في الشرائع ٢ : ١٤ ، والقواعد ٢ : ١٧ ، والتحرير ١ : ١٦٤.
(٢) كما في الدروس ٣ : ١٩٢ ، والمسالك ٣ : ١٥٥ ـ ١٥٦ ، الروضة ٣ : ٢٢٦.
(٣) الإيضاح ٢ : ٤١٣.
(٤) المكاسب ٣ : ٣٢٨.
(٥) مفتاح الكرامة ١٢ : ٥٥٤.
(٦) الرياض ٨ : ٢١٨.
(٧) الحدائق ١٨ : ٣٧٣.
(٨) شرح القواعد ٢ : ٤٣. (٩) مجمع الفائدة ٨ : ١٥٨.