البطلان ، فكيف تكون جارية مجرى الردّ في الفضولي؟
لا يقال : القدر المسلّم من عدم المانعيّة هو في الكراهة المقارنة للعقد ، وكلامنا في الكراهة المتأخّر عنه المتخلّلة بينه وبين الرضا ، لأنّ مانعيّة الكراهة المتأخّرة على معنى كونها مؤثّرة في البطلان مع تسليم عدم كونها مؤثّرة حال العقد يحتاج إلى دليل دلّ على أنّ الشارع جعلها مؤثّرة ، ولا دليل عليه ، والأصل عدمه ، بل عدم تأثيرها السابق مستصحب.
لا يقال : كون هذه الكراهة مؤثّرة في البطلان باعتبار ما يقارنها وهو عدم الرضا الّذي هو عدم شرط ولا ريب أنّ المشروط عدم عند عدم شرطه ، لابتنائه على كون شرط الصحّة هو الرضا المتّصل بالعقد وهو أوّل المسألة ، بل الشرط هو أصل الرضا قارن العقد أو لا ، اتّصل به أو لا ، طال الزمان الفاصل أو لا؟.
الثاني : إنّما يبطل عقد المكره أي يخرج عن تأهّله للصحّة وترتّب الأثر كعقد الفضولي بالردّ ، وتفصيل القول في الردّ وما به يتحقّق الردّ يأتي في باب الفضولي ، وبيانه هنا على وجه الاختصار أنّ الردّ إمّا قولي كقول «رددت العقد أو فسخته أو أبطلته أو أفسدته أو رفعته» أو فعلي وهو أن يفعل المالك في المبيع مثلاً ما ينافي وقوع أثر العقد فيه وهو نقل الملك ، كإتلافه أو نقله إلى الغير أو عتقه أو تزويجه وما أشبه. وقد يعدّ من الردّ الامتناع من الرضا ، وليس ببعيد.
الثالث : الكلام في كون الرضا المتأخّر المصحّح لعقد المكره ناقلاً أو كاشفاً بالكشف الحقيقي أو الحكمي كالكلام في إجازة الفضولي ، وتحقيق القول في ذلك وترجيح أحد الأقوال يأتي مشروحاً في باب الفضولي ، ولا بأس بالإشارة إلى ما هو الحقّ هنا ، فنقول : إنّ الأصل والظاهر يساعدان على النقل ، أمّا الأصل فهو أصالة عدم حصول الملك وعدم ترتّب الأثر إلى أن يلحقه الرضا ، وأمّا الظاهر فظهور النصّ كتاباً وسنّة كقوله تعالى : «إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ» (١) وقوله عليهالسلام : «لا يحلّ مال امرئ إلّا عن طيب نفسه» (٢) لظهورهما في كون التجارة وحلّيّة المال ناشئة عن نفس الرضا ، لا عن أمر منتزع عنه عارض للعقد ، وهو تعقّبه للرضا ، كما تكلّف القائل (٣) بالكشف
__________________
(١) النساء : ٢٩.
(٢) عوالي اللآلئ ٢ : ١١٣ / ٣٠٩.
(٣) المكاسب ٣ : ٣٣٤.