[ختم المقام]
وينبغي ختم المقام ببيان ما ظهر حكمه على الإجمال في تضاعيف المسألة ، وهو القصد المعتبر في العقد المنحلّ إلى قصد التلفّظ وقصد المعنى المادّي كالبيع في بعت وقصد المعنى الإنشائي فإنّه أيضاً من شروط المتعاقدين ، ولقد اهمل ذكره صريحاً في الشرائع وذكره صريحاً في القواعد ، ولعلّ وجه إهمال الشرائع إحالة اعتباره إلى وضوحه أو الاكتفاء بذكره ضمناً في ضمن الاختيار ، فإنّه بحسب المرتبة متأخّر عن القصد بأنواعه الثلاث ، وكيف كان فلا ينبغي الاسترابة في كونه شرطاً بلا خلاف يظهر ، فما لم يقصد فيه إلى اللفظ ـ كما في الغافل والغالط ونحوهما ـ أو إلى المعنى كما في الهاذل ، أو الإنشاء كما فيه أو في المتورّي يقع فاسداً من حينه بلا خلاف يظهر ، سواء قصد معنى آخر كالإجارة ونحوها والإخبار أو لا؟ للأصل الّذي لا تزاحمه هنا الأصل الاجتهادي المستنبط من العمومات كـ «أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ» و «تِجارَةً عَنْ تَراضٍ» و «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» لأنّ عموم الحكم فرع على تحقّق موضوع البيع والتجارة والعقد وليس شيء منها متحقّقاً بدون القصد المذكور كما هو واضح ، مضافاً إلى الإجماع الّذي يعلم بالتتبّع في أبواب العقود والإيقاعات ومن ذلك ما يشتهر أنّ العقود تتبع القصود.
وقد يستدلّ بأخبار النيّة ، كقوله عليهالسلام : «لا عمل إلّا بنيّة» (١) «وإنّما الأعمال بالنيّات وإنّما لكلّ امرئ ما نوى» (٢) بتقريب أنّ النيّة لغة هو القصد ، وإجراء العقد عمل ، وهو بدون القصد ليس بعقد بناءً على نفي الحقيقة ، أو ليس بصحيح بناءً على نفي الصحّة الّذي هو أقرب المجازات إلى الحقيقة.
__________________
(١) الوسائل ١ : ٤٦ / ١ ، ب ٥ مقدّمات العبادات ، الكافي ٢ : ١٦٩ / ١.
(٢) الوسائل ١ : ٤٨ / ١٠ ، ب ٥ مقدّمات العبادات ، أمالي الطوسي ٢ : ٢٣١.