بل على اعتبار رضا المالك لاحقاً بالمعاملة حين الإجازة الكاشفة عن الرضا. وإن اريد به أنّ المعتبر مقارنة رضا المالك الّتي لا يتأتّى إلّا بمعاطاته ، ففيه المنع كما عليه مبنيّ صحّة الفضولي. وبما ذكرناه اندفع ما نقل عن ثاني الشهيدين.
نعم لو قيل بعدم الصحّة على القول بكونها إباحة لا بيعاً مفيداً للتمليك كان متّجهاً ، لأنّ القاعدة في باب الفضولي حرمة التصرّف في المال قبل لحوق الإجازة وهي تنافي الإباحة ، والإجازة اللاحقة على تقدير تضمّنها الإباحة لا تجدي في صحّة المعاطاة من حيث إفادتها الإباحة ، لأنّ الإباحة اللازمة من الإجازة إباحة جديدة. وبالجملة إباحة التصرّفات في المال من وظائف المالك ، ولا تتأتّى إلّا بالإجازة ولا يعقل فيها الفضوليّة.
الأمر الثالث : الظاهر عدم اختصاص الفضولي بالبيع والنكاح كما هو المصرّح به في نكاح الروضة (١) على ما حكي ، وفي الجواهر (٢) تبعاً لشيخيه في شرح القواعد (٣) ومفتاح الكرامة ، قال في الثاني : «واعلم أنّه يجري في سائر العقود لأنّه إذا ثبت في النكاح والبيع ثبت في جميع العقود إذ لا قائل باختصاص الحكم بهما كما في الروضة ذكر ذلك في كتاب النكاح» (٤) انتهى. بل يجري في سائر العقود اللازمة والجائزة حتّى ما يعتبر في صحّته التقابض كالصرف أو الإقباض كالهبة ، ولا ينافيه كون إقباض المال قبل لحوق الإجازة محرّماً لأنّه نهي عن الشرط وهو توصّلي فلا دلالة له على فساد أصل المعاملة مع كونه في الشرط لوصف خارج.
نعم ينبغي القطع بعدم جريانه فيما يتوقّف في صحّته النيّة وقصد القربة المتوقّفة على الأمر كالوقف إذ لا أمر على الفضولي في وقف مال غيره ولو استحباباً ، وعن الشهيد في شرح الإرشاد (٥) دعوى الإجماع على عدم صحّته فيه ، وربّما يعلّل المنع بكونه من الإيقاعات المجمع على أن لا فضوليّة فيها. وبالجملة فهو إمّا عقد على الأقوى أو إيقاع ، على التقديرين ثبت لها جهة عبادة لتوقّف صحّته على النيّة ، مع اعتبار مباشرة المالك أو مقارنة رضاه لوقوعه في صحّته ثبت ذلك بالإجماع ونحوه.
ولا فيما ينافي الفضوليّة من حرمة التصرّف قبل الإجازة لمقتضى العقد كالعارية
__________________
(١) الروضة ٥ : ١٤١.
(٢) الجواهر ٢٢ : ٢٨٠.
(٣) شرح القواعد ٢ : ٧٤.
(٤) مفتاح الكرامة ١٢ : ٦٠٤.
(٥) غاية المراد ٣ : ٤٢٥.