ردّ عوضها مثلاً إن كانت من المثليّات وإلّا وجب ردّ قيمتها.
المقام الثاني في الأبوال الطاهرة ـ أعني أبوال الأنعام والحمولة ـ وفيها مسائل :
الاولى : جواز الانتفاع فيما عدا الأكل والشرب اختياراً ، كالصبغ وعجن الجصّ والزروع والكروم واصول الشجر وما أشبه ذلك.
والظاهر جوازه بلا خلاف يظهر ، ولم يعرف من الأصحاب من أنكره وإن كان ربّما ينسب إلى مراسم سلّار (١) المنع منه استظهاراً له من عبارته المتقدّمة بقرينة استثناء بول الإبل ، فإنّه كون المراد من الأبوال ما يعمّ الأبوال الطاهرة لم يتمّ هذا الاستثناء الّذي الأصل فيه الاتّصال. أقول : لو صحّ هذا الاستظهار لجرى في عبارة نهاية الشيخ لأنّه ـ على ما حكي ـ قال فيها : «جميع النجاسات يحرم التصرّف فيها والتكسّب بها على اختلاف أجناسها من سائر أنواع العذرة والأبوال وغيرهما إلّا أبوال الإبل خاصّة فإنّه لا بأس بشربه والاستشفاء به عند الضرورة» (٢) وكيف كان فيزيّف الاستظهار المذكور ظهور الأبوال بقرينة السياق وذكرها في قرن النجاسات وعدادها في إرادة الأبوال النجسة. وأمّا الاستثناء فالتزم السيّد في مصابيحه (٣) بجعله للانقطاع. ويرد عليه أنّ الالتزام بذلك لكونه مجازاً غير لازم ، لإمكان الاتّصال بحمل أبوال الإبل على النجسة منها ، وهي أبوال الإبل الجلّالة والموطوءة.
ولنا على الجواز ـ بعد عدم ظهور الخلاف بل ظهور الإجماع ـ الأصل السليم عمّا يزاحمه ويخرج عنه. والقول بالمنع ـ مع شذوذه وعدم ظهور قائل به ـ لا مستند له عدا ما قد يحتمل من الاستناد إلى آية تحريم الخبائث ، بناءً على شموله جميع المنافع والانتفاعات. ويزيّفه ما أشرنا إليه سابقاً من قضاء قرينة المقابلة لتحليل الطيّبات بكون متعلّق التحريم خصوص الأكل والشرب لا سائر الانتفاعات.
المسألة الثانية : جواز الانتفاع بها وعدمه في الأكل والشرب بأن يطبخ به المطبوخات من اللحم والخبز وغيرهما ويشرب بانفراده أو في سائر المشروبات ، فقد اختلف فيه الأصحاب على أقوال :
__________________
(١) المراسم : ١٧٠.
(٢) النهاية ٢ : ٩٨.
(٣) مصابيح الأحكام : ١٨.