المتعاقدين بالمعنى الأعمّ الّذي من أفراده رضا غير المالك الّذي أمضاه المالك فإنّ إمضاءه هنا بمنزلة إذنه للوكيل ، ولا يلزم به الخروج عن ظاهر قوله عليهالسلام : «لا يحلّ مال امرئ إلّا بطيب نفسه» فإنّ طيب نفسه أعمّ من رضاه المقارن ومن إمضائه لرضا غيره ، ولذا لا يحلّ التصرّف قبل الإجازة حتّى على الكشف لعدم كون طيب نفسه محرزاً بدونها.
الأمر الخامس : في بقايا أحكام [الإجازة] فليعلم أوّلاً أنّ الإجازة ليست فوريّة بل هي على التراخي ما لم يردّ العقد كما نصّ عليه في مفتاح الكرامة (١) ونقله عن الدروس (٢) والتنقيح (٣) والحدائق (٤) والرياض (٥) والظاهر أنّه وفاقي ، وفي صحيح محمّد ابن قيس دلالة عليه.
وينبغي أن يقطع بأنّه لا تقع بمجرّد السكوت ما لم يكن معها قرينة كاشفة عن الرضا ، كما نصّ عليه في الشرائع بقوله : «ولا يكفي سكوته مع العلم ولا مع حضور البيع» (٦) وكذلك العلّامة في جملة من كتبه كالتذكرة (٧) والتحرير (٨) ونهاية الإحكام (٩) والإرشاد (١٠) بل في التذكرة دعوى الوفاق عليه قائلاً : «لو باع سلعة وصاحبها حاضر ساكت فحكمه حكم الغائب قاله علماؤنا وأكثر أهل العلم». وعلّله الأردبيلي في مجمع البرهان على ما حكي «بأنّ السكوت مع الحضور لا يدلّ على الرضا» (١١).
كما ينبغي القطع بوقوعها باللفظ الصريح الدلالة عليها عرفاً كلفظ «أمضيت» أو «أجزت» أو «أنفذت» أو «رضيت» أو نحو ذلك. بل ظاهر خبر عروة البارقي حيث قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «بارك الله صفقة يمينك» وقوعها باللفظ الكنائي أيضاً.
والظاهر وفاقاً لبعض مشايخنا (١٢) كفاية الفعل الكاشف عرفاً عن الرضا بالعقد كالتصرّف في الثمن ومنه إجازة البيع الواقع عليه ، وكتمكين الزوجة من الدخول بها إذا زوّجت فضولاً كما صرّح به العلّامة (١٣) في القواعد.
__________________
(١) مفتاح الكرامة ١٢ : ٦٠٩.
(٢) الدروس ٣ : ١٩٣.
(٣) التنقيح ٢ : ٢٧. (٤) الحدائق : ٢٣ : ٢٦٣.
(٥) الرياض ٨ : ٢١٨. (٦) الشرائع ٢ : ٢٦٨.
(٧) التذكرة ١٠ : ١٦. (٨) التحرير ٢ : ٢٧٧.
(٩) نهاية الاحكام ٢ : ٤٧٥. (١٠) الإرشاد ١ : ٣٦٠.
(١١) مجمع البرهان ٨ : ١٦٠. (١٢) المكاسب ٣ : ٤٢٢.
(١٣) القواعد ٢ : ٨.